لا شك أن فرط الموهبة في أي مجال من المجالات يصنع الإبداع وقد حظي الشعر الشعبي كسائر الفنون من المتعاطين والمتداولين له بمساحات كبيرة من الجمال والإبداع. وربما لا يحس ويطرب لهذا الإمتاع إلا الشعراء والمتذوقون ومنهم الناقدون والمتابعون والمختصون في هذا الموروث الجميل وهنا أقصد في العنوان ليس شعر المحاورة والمعروفة بالقلطة والتي لا تخفى على الجميع ولكن كثيراً من الشعراء الكبار ومن تراكم الإبداع الشعري لديهم والموهبة التي حباها الله لهم فقد جعل (غير العاقل) نداً ومحاوراً له في قصيدته فمنهم من جاور طيره أو ناقته (ذلوله)، ومنهم من حاور البحر أو النبات أو الأطلال أو غيرها. ومثال لهذه المقدمة ما جرى للشاعر بدر الحويفي حيث إنه من المولعين والمغرمين بالطير والمقناص وقد أمضى أغلب أوقاته في رحلات القنص وبذل الكثير لشراء وجلب الصقور النادرة والمتميزة. وفي يوم من الأيام قام الحويفي بشراء طير بثمن غالٍ قال صاحبه البائع له إنه من أندر الطيور وأحسنها ولكن المفاجأة أنه بعد فترة ليست بالطويلة وبعد التجربة والاختبار اكتشف الحويفي أن الطير (خثل) ولا يقدر حتى على اصطياد عصفور فخاب ظن الحويفي بهذا الطير وبائعه سامحه الله وقال هذه الأبيات بدأها بقوله لطيره: بدر الحويفي يا طير يوم أشريك من حر مالي أبغى السبب بأسفل شغايا غنيجان جرمك كبير وجوهر القلب خالي ما انته مثل ما قال لي بك بعيجان لا نطت الأرنب يصيبك جفالي خسران من يرجي العشا منك خسران وعبر لطيره البائس بهذا الرد: يا بدر لا جاء بالمجالس مجالي استر علي الله يجازيك بإحسان انصبي الشعبان واطلق حبالي بأرضن بها حروة جراذي وفيران مالي بشوف أم الاذان الطوالي اللي صفار عيونها تقل حوذان وأم الحباري ما بهن لي مداري ويطير قلبي من عيون الكروَّان مير اترك الموضوع واستر خمالي الله يخلي لك محمد وسلمان فسوط له بدر هذه الأبيات الدامية: قلت انثبر لما تهب الشمالي يقلعك عنا يوم صنعاء ونجران ما للردى عندي مقام وجلالي لا صار ما تفعل مثل فعل راكان اللي مضى عندي حشيمٍ وغالي واليوم قدرك عندنا مثل حجلان اللي مضى وأنت مخاشرٍ عيالي أقطع لك الهبره وهم بس عظمان