كشفت أزمتان تعرضت لهما الخطوط السعودية في خمسة أشهر ضعفاً تعيشه المؤسسة في إدارة الأزمات، وساد شبه تعطل في خدماتها حيث ألغيت رحلات وتم تأجيل سفر الكثيرين، ولم تكن "السعودية" مهيأة لتجاوز أزمة سيول جدة بعد أن تعطل نظام الحاسب الآلي في المركز الرئيس في اليوم الثامن من شهر ذي الحجة الماضي، فاضطرت إلى تخليص إجراءات المسافرين يدوياً في كثير من المطارات. كما أنها لم تمتلك الاحتياطات اللازمة لمواجهة أي طارئ عند تطبيقها نظام آماديوس الجديد، ما أربك حجوزات المسافرين وساهم في تعطل الحجز عن طريق الهاتف الموحد والموقع الالكتروني وفي مكاتب "السعودية". وفيما لم ينف عبدالله الأجهر مساعد المدير العام للخطوط السعودية ومدير العلاقات العامة في المؤسسة في تصريحات صحفية له الأسبوع الماضي، وجود بعض الإخفاقات عند تطبيق نظام "آماديوس" الإلكتروني في بعض المطارات السعودية، مبيناً أن الكوادر البشرية في "السعودية" قد تم تدريبها لمدة 4 أشهر على هذا النظام. قال الاقتصادي فضل أبو العينين ل"الرياض": إن أزمتي آماديوس وسيول جدة تكشفان عدم جاهزية الخطوط السعودية لمواجهة أي أزمات طارئة، إلى جانب عدم قدرتها التعامل بشكل أمثل مع الأزمة بعد حدوثها. وأضاف "الكوارث أمر من عند الله، لكن نستطيع التخفيف من وطأتها على أنظمتنا من خلال وضع الخطط الاستراتيجية التي تستطيع توفير احتياطات لازمة لمواجهة آثار هذه الكوارث، فمثلاً الخطوط السعودية في سيول جدة كانت من الممكن أن تتلافى المشكلة لو وضعت مركز التحكم في الحاسب الآلي في أكثر من مكان أو مكان أكثر أماناً عند حدوث أسوأ الأزمات، كما أنها كان من الممكن أن تكون لديها خطة محكمة لمواجهة أي تعثر عند تطبيق نظام الكتروني جديد، وأن تعيد الأمور إلى مسارها الطبيعي بعد وقت قصير من حدوث الأزمة". وذكر أبو العينين أن الانتقال من نظام معلوماتي إلى نظام معلوماتي جديد وبخاصة أن هذا النظام يعد القلب النابض لعمل مؤسسة بحجم الخطوط السعودية، يفترض معه أن يكون هناك احتياطات تقنية لمواجهة أي أخطاء متوقعة عند تطبيق النظام، واختيار التوقيت المناسب لإحلال النظام الجديد، إلى جانب وجود خطة بديلة في حال فشل تطبيق النظام بحيث يتم الانتقال بسلاسة على إنهاء إجراءات السفر يدوياً دون حدوث أي إرباك في الخدمات المقدمة للعملاء. وزاد "عند حدوث كارثة سيول جدة لم تستطع المؤسسة التعامل بطريقة أمثل مع الأزمة، في وقت كان هناك بنك محلي شهير يتعرض فيه إلى أزمة مماثلة إلا أنه استطاع تلافيها دون علم أحد نظراً لوجود خطط لديه للتعامل مع مثل هذه الأزمات". واستغرب أبو العينين من عدم وجود ثقافة الاعتذار في منهج الخطوط السعودية، وقال "من أبسط حقوق العملاء عند التقصير في خدمتهم الاعتذار لهم وتعويضهم، غير أن هذا لا يوجد في ثقافة موظفي المؤسسة. في خطوط الطيران الأخرى تتم محاسبة المقصرين والاعتذار عن التقصير في خدمة العملاء وتوفير السكن لهم والرعاية، لكن لدينا لا يوجد هذا". واستعرض عدة أزمات مماثلة يجب الاستفادة منها، مؤكداً أن السعودية استفادة من تجربة الاجتياح العراقي للكويت عندما فقدت الأخيرة السجلات المدنية لمواطنيها وفقدت بنوكها السجلات الرئيسة لأرصدة العملاء. وأضاف "السعودية بعد هذه الحادثة شددت أمنياً على أنظمتها الالكترونية حتى تكون مستعدة لأي طارئ سواء كان بفعل كوارث طبيعية أو بفعل مشاكل تقنية، ومن ذلك البنوك المحلية التي أصبحت تضع الملفات الرئيسة في أكثر من مكان لحفظها وحمايتها من أي طارئ، يجب أن تتعلم الخطوط السعودية من هذه الأزمات وتصبح أكثر قدرة على مواجهتها". من جهته، قال الدكتور سالم باعجاجه الأكاديمي الاقتصادي بجامعة الطائف إن الخطوط السعودية ستستفيد الدروس من هاتين الأزمتين، لتضع الحلول الناجعة لعدم تكرار مثل هذه الأزمات. وتابع "الخطوط السعودية من أفضل خطوط الطيران حول العالم تطوراً لاحتذائها بالخطوط الدولية المتقدمة، ولذا فمن المؤكد أن لديها خططا لمواجهة الطوارئ وإدارة الأزمات ومواجهة أي تعثر عند تطبيق الأنظمة الجديدة، غير أن سيول جدة أتت فجأة وعلى الرغم من البطء الذي حصل في معالجة الأزمة في حينها إلا أن التعامل مع كارثة السيول وتعطل الحاسب يعتبر في وقت قياسي إذا ما قيس بحجم الكارثة". وكان مسؤول في الخطوط السعودية قد أكد ل"الرياض" أواخر نوفمبر الماضي، أن المؤسسة تجاوزت عطلاً أصاب مركز الحاسب الآلي الرئيس فيها لمدة يومين بسبب كارثة سيول جدة، ما جعلها تلجأ إلى إنهاء إجراءات المسافرين يدوياً. وقال أحمد خميس الزهراني مسؤول الخدمات التنفيذي في مطار الملك عبدالعزيز إن المشكلة بدأت بانقطاع التيار الكهربائي عن مركز الحاسب الآلي بعد هطول الأمطار الغزيرة ما تسبب في تأخير بعض الرحلات الجوية، كما أن السيول أدت إلى تأخر وصول أطقم الملاحة إلى المطار. وفي الأسبوع الماضي أدى التحول إلى النظام الالكتروني الجديد لخدمة الركاب في الخطوط السعودية "آماديوس" إلى إرباك في حجوزات بعض المسافرين وتأخر سفر البعض وإلغاء سفر بعضهم بسبب العشوائية التي كان عليها بعض موظفي الحجز عند تطبيق النظام الجديد، الأمر الذي برره البعض بضعف تدريبهم على هذا البرنامج الجديد وهو ما نفاه مساعد مدير عام "السعودية".