( وزارة .... ورغم ضخامة المشاريع التي أوكلتها لمقاوليها .. فيكاد يكون عدد لا بأس منهم .. مقيمين كضيوف .. في السجون .. لإخلالهم بأصول التعاقد الأولى ). عقد المقاولة من الباطن أو ما يسمى المقاول الثاني - كما في ورقة محكّمة قدّمها العلاّمة وهبة الزحيلي – غالباً ما يقع في مقاولات المباني والإنشاء، حيث تتعدد الأعمال وتتشعب، فيتنازل المقاول الأول عن مهامه في التنفيذ إلى مقاول ثانٍ يكون هو المنفّذ الفعلي للمشروع. بحيث للمقاول أن يتفق مع مقاول آخر على تنفيذ العمل كله أو بعضه، وتبقى مسؤولية المقاول الأول قائمة قِبل صاحب العمل، ولا يجوز للمقاول الثاني أن يطالب صاحب العمل بشيء مما يستحقه المقاول الأول إلا إذا أحاله على رب العمل. وتكون هذه المقاولة من الباطن صحيحة، وتنفذ في حق رب العمل، وتكون العلاقة فيما بين المقاول الأصلي والمقاول من الباطن علاقة رب عمل بمقاول، ينظمها عقد المقاولة من الباطن. ويلاحظ العلّامة الزحيلي ملاحظة غاية في الأهمية من أن مسؤولية المقاول الأصلي عن أعمال المقاول من الباطن هي : مسؤولية عقدية، تنشأ من عقد المقاولة الأصلي، وليست مسؤولية متبوع عن تابعه، فالمقاول من الباطن يعمل مستقلاً عن المقاول الأصلي ولا يعتبر تابعاً له. وتقوم هذه المسؤولية على افتراض أن كل أعمال المقاول من الباطن تعتبر بالنسبة إلى رب العمل أعمالاً صادرة من المقاول الأصلي، ومن ثم يكون مسؤولاً قِبله عنها. وإذا كان الأصل ألا تقوم علاقة مباشرة بين رب العمل وبين المقاول من الباطن إذ لا يربطهما أي تعاقد، فلا يطالب أيهما الآخر مباشرة بتنفيذ التزاماته، وإنما يكون للمقاول من الباطن طبقاً للقواعد العامة أن يرجع على رب العمل في خصوص البدل أو المقابل المستحق له قبل المقاول الأصلي، بطريق الدعوى غير المباشرة. الخلاصة التي انتهى إليها الزحيلي في بحثه الرائع أن القوانين أجازت للمقاول أن يقاول من الباطن في كل الباطن في كل العمل أو في جزء منه ما لم يمنعه من ذلك شرط في العقد أو تكون طبيعة العمل تتطلب الاعتماد على الكفاية الشخصية للمقاول، كأن يكون العمل محل المقاولة عملاً فنياً اعتمد فيه صاحب العمل على كفاية المقاول الشخصية في هذا العمل أو ما اشتهر عنه في أدائه، فعندئذ يتحتم أن يقوم المقاول بالعمل شخصياً .. وهذه التفاصيل بالذات .. هي ما يدفع بالعديد من المقاولين إلى لظى الباطن والذي يكتوي بناره الطرف عديم الخبرة من المتعاقدين ..! *قانوني