تبذل الدولة رعاها الله جهوداً حثيثة من خلال الهيئة الوطنية للاستثمار في إقامة المنتديات والمؤتمرات الاقتصادية في الداخل والخارج لحث المستثمر الأجنبي على الاستثمار في المملكة، وهنا أتحدث فقط عن الاستثمار والتطوير العقاري. ولكن هناك عزوفاً واضح من قبل المستثمرين الأجانب عن ذلك رغم علمهم الأكيد أن اقتصاد المملكة من أقوى اقتصاديات العالم وأشدها متانة، وسبب العزوف كما يراه الأجنبي هو ذلك البطء والجمود في طرق التملك وإجراءات استخراج التصاريح اللازمة للمشاريع ومايتبع ذلك، واليوم تضاف مشكلة جديدة وقوية ترسخ مشكلة الاستثمار إنها ((مشكلة الحديد)). الحديد هو عصب التطوير العمراني ومن أهم ركائز النمو العقاري في البلد وعندما يختفي من الأسواق تتوقف كل مشاريع البناء والتطوير، فهل يحق لنا بعد ذلك أقناع المستثمرين من الخارج أو الداخل بالاستثمار في العقار ؟ مهزلة تجفيف الحديد من السوق بدعوى رفع الأسعار والتي تقودها شركات تضحي بسمعة واقتصاد المملكة والاستثمار بها بل وتضحي بأموال المساهمين في تلك الشركات عند طريق إيقاف خطوط الإنتاج وضعف التوزيع والبيع، بل تعدت المشكلة إلى كل ماهو متعلق بالمواد الأساسية للبناء كالأسمنت والبلك الأسمنتي والفخاري والرمل، كل تلك المواد الأساسية تراجعت نسبة مبيعاتها بسبب أن عمليات البناء تتوقف على توفر الحديد وعندما ينفذ فلا فائدة لتلك المواد ويترتب عليه ضعف في مبيعات وأرباح شركات الأسمنت والبلوك وإضرار بأموال المساهمين في تلك الشركات. والملاحظ أن كثيراً من المشاريع شلت وتوقفت تماماً بسبب نفاذ الحديد من السوق إلا مشاريع تعد على الأصابع أضطر أصحابها للشراء من الناقلات تحمل من المصانع المنتجة كبقايا في مستودعاتها (وكأنها سوق سوداء) وكثرة الشائعات في البلد فمن إيقاف للإنتاج إلى التصدير إلى الخارج. هنا أقول إن الموضوع تعدى قضية الأسعار والأرباح ليصيب الاستثمار والتنمية العقارية والتطوير العمراني وأموال الناس المساهمة بالخسارة، ومن حق كل شركة أن تزيد من أرباحها بلا شك. ولكن ليس على حساب اقتصاد البلد ووقف عجلة التنمية فيه، ورغم ماتقوم به وزارة التجارة والجهات الأمنية لمنع تخزين الحديد بسبب هذه الأزمة المفتعلة إلا أن القضية اتخذت أساليب ملتوية من قبل هوامير الحديد الذين أفرغوا مستودعاتهم من الحديد وبدأ بعضهم بالبيع من الناقلات مباشرةً أو من أحواش بعيدة عن الأعين ولمن يدفع أكثر ! وإذا أرادت وزارة التجارة حل هذه القضية فلا مناص عن فتح باب الاستيراد على مصراعيه ومن كافة الدول وتغريق السوق بالحديد حتى يرضخ المنتج المحلي وبالتالي يحمى الاستثمار والاقتصاد وأموال المساهمين.