سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المملكة تشهد في عهد خادم الحرمين نهضة علمية وحضارية كبرى وجهودها في نشر الفكر الإسلامي الصحيح تمثل نموذجاً لمواجهة التطرف والإرهاب مفتي مصر ل «الرياض»:
نوّه الدكتور علي جمعة مفتي مصر بالطفرة الحضارية التى تشهدها المملكة في عهد خادم الحرمين مؤكدا أن المملكة تشهد نهضة علمية وفكرية وحضارية كبرى جعلت منها واحة للأمن والأمان، لافتا إلى ان الجهود التي تبذلها المملكة في نشر الفكر الاسلامي الصحيح وتحصين الشباب ضد الانغلاق والاهتمام بمشروعات التنمية والتعليم تمثل نموذجا يحتذى به في مواجهة الأفكار الظلامية التي تشجع الإرهاب. وأضاف مفتي مصر في حديث ل"الرياض" أن جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا تمثل نقلة حضارية وركيزة قوية لدعم البحث العلمي والعمل على إحياء فريضة العلم النافع الذي دعا إليه الإسلام، وأمر الرجال والنساء بالسعي إلى طلبه. وتطرق مفتي مصر في حديثه إلى سبل تفعيل حوار الأديان والحضارات ومواجهة التطرف والإرهاب وفيما يلي تفاصيل الحوار: * شاركتم مؤخرا في فعاليات المؤتمر الدولي للإرهاب الذي نظمته الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، نريد منكم تسليط الضوء على أهمية المشاركة وعلى القضايا التي ناقشها المؤتمر؟ - هذه المشاركة كانت ضرورية نظرا لأهمية موضوع المؤتمر الذي احتشد فيه نخبة من العلماء والباحثين والمفكرين من المملكة وخارجها ليدلوا بدلوهم في هذا الموضوع وقد ألقيت بحثا بعنوان "مخاطر الإرهاب وآثاره" نيابة عن الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الراحل الذي كان من المقرر أن يشارك به لولا أن وافته المنية الشهر الماضي، وهذا المؤتمر يكتسب أهمية قصوى كونه تحت رعاية خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي لم يألوا جهدا في خدمة الإسلام والدعوة إلى تصحيح صورة الإسلام الذي يتهم الآن بأنه دين إرهاب وتطرف، وبفضل توجيهات خادم الحرمين فإن علماء المملكة وقادة الفكر والثقافة لم يألوا جهدا في نشر الدعوة إلى نشر المفاهيم الصحيحة للإسلام ونشر ثقافة التسامح ونبذ التشدد، وفي الحقيقة فان هذا المؤتمر وغيره من المؤتمرات التي نظمتها المملكة في الداخل والخارج ثبت أن هناك بعض المفاهيم الإسلامية بحاجة إلى تصحيح في أذهان المسلمين وغير المسلمين وان الإسلام أول رسالة سماوية جاءت بعقوبات مغلظة ضد كل من تسول له نفسه ارتكاب أية جريمة إرهابية كما شريعة الإسلام حرمت على الإنسان المسلم أن يروع إنسانا كما حذرت الشريعة الإسلامية تحذيرا شديدا من قتل النفس إلا بالحق ونهت عن التخريب للمساكن وللمنشآت العامة والخاصة، وعن تدمير المؤسسات الصناعية والاقتصادية التي هي مصدر خير للأمة، وعن الإفساد في الأرض بأي لون من ألوانه التي فيها من الظلم والبغي واغتصاب أموال الناس بالباطل وانتهاك أمنهم وكرامتهم، فالإرهاب يمثل جريمة نكراء تقوض بنيان الجماعة وتهدم أمنها وتزلزل كيانها وتبعث الرعب والخوف في نفوس أفرادها. * لكن ما الذي يجب على العلماء القيام به في مواجهة الفكر المتطرف؟ - إن الإرهاب نكسة عقلية، ونكبة فكرية، وردة علمية، يجب مقاومتها عقليًا وتثقيفيًا بكل ما أعطانا الله من قول طيب، ومن نصح لوجه الله. وهذا النصح بكل وسائله نوجهه إلى من اعتنقوا الإرهاب وإلى غيرهم من الأفراد والجماعات، والشباب والشيوخ، لأن الأفكار أقوم علاج لها يكون أيضًا بالأفكار، وإذا كان الإرهاب يمثل ردة علمية، فالعلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء من عباده، وشريعة الإسلام قد حرصت كل الحرص على أن يستعمل أتباعها عقولهم فيما يصلحهم، ويصلح أمتهم، وأن ينموها بالعلم النافع، وهذه وظيفة العلماء والمصلحين الذين أعطاهم الله العلم النافع، عليهم أن يسخروا علمهم لإرشاد العقول الضالة بمداومة وحكمة وصبر جميل، ونحن لا ننكر أن جنود الإرهاب والقتل والإفساد في الأرض عندهم علم، ولكن الذي ننكره أنهم شوهوه، وحرفوه، وفسروا تفسيرا سقيمًا، واستعملوا علمهم في المعصية لا في الطاعة، وفي الباطل لا في الحق، وفي الشر لا في الخير، وفي الضلال لا في الهدى، وفي الهدم لا في البناء، وفيما يسيء إلى أمتهم لا فيما يصلحها وفيما يشغلها عن قضاياها المهمة، لا فيما يوجهها إلى الأخذ بأسباب الرقي والتقدم، وفيما يضرها، وفيما يشغلها عن قضاياها المهمة، لا فيما يوجهها إلى الأخذ بأسباب الرقي والتقدم، وفيما يشعل الصراعات المتنوعة، والعصبيات المتعددة، لا فيما يجعلها كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، إن وظيفة من رزقهم الله العلم الصحيح النابع من كتاب الله ومن السنة النبوية الشريفة، والخالي من الخرافات ومن التأويلات الباطلة أن يواصلوا جهودهم الصادقة والمخلصة، لإرشاد هؤلاء الإرهابيين بصفة خاصة، ولإرشاد غيرهم بصفة عامة، إلا أن الإسلام دين يحارب العدوان بكل صوره وألوانه، ويحارب الإفساد والتخريب حرب لا هوادة فيها، ولا استكانة، وينشر ذلك في كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة. * وكيف ترى الجهود التي تبذلها المملكة في مواجهة الفكر المتطرف؟ - لاشك أن الجهود التي تبذل من قبل حكومة وعلماء المملكة بقيادة وتوجيهات خادم الحرمين في مواجهة أفكار التطرف والإرهاب تمثل نموذجا يحتذي به في نشر الفكر المعتدل والوعي بمفاهيم ومبادىء الإسلام الصحيح وتحصين الشباب ضد الانغلاق والاهتمام بمشروعات التنمية والتعليم،ولعل ما تشهده المملكة الآن في عهد خادم الحرمين من طفرة حضارية تركز على الاهتمام ببناء الإنسان الصالح جعلت من المملكة واحة للأمن والأمان ويكفي لانتشار نعمة الأمان في المملكة أن أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام قد اختار هذه النعمة كدعاء لأشرف الأماكن والبلاد، مكةالمكرمة، كما جاء في قول الله تعالى:"وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا" فالبلد إذا امتدت إلى سكانه ظلال الأمن، استطاعوا أن يتفرغوا لأمور معاشهم بنفوس مستقرة، وأن يعمروا حياتهم في طاعة الله تعالى وفى رخاء وقوة بسبب تنمية زراعاتهم وصناعاتهم وجميع مطالب حياتهم لأن "الأمن" وهو زوال الخوف له مكانته السامية في استقرار حياة الأفراد والجماعات، ويكفي نعمة الأمان والسلام شرفاً وفخراً أن جعلهما الله تعالى صفة من صفات بيته الحرام فقال:"ومن دخله كان آمنا". * ما رؤيتكم لمستقبل الحوار بين أتباع الأديان والحضارات الذي تبنته مبادرة خادم الحرمين؟ لاشك أن هذه المبادرة لاقت قبولا وترحيبا واسعا على المستوى الدولي وذلك لأنها تقوم على أسس ومنهجية سليمة، وهذه المبادرة تدعو لفتح صفحة جديدة، وتحسين العلاقات الإنسانية بين الأمم والشعوب على أساس احترام حقوق الإنسان لكون الجميع إخوة في الإنسانية جاءوا من أب واحد وأم واحدة، وبالتالي فان مبادرة خادم الحرمين للحوار بين الأديان والحضارات قد صححت مفاهيم خاطئة عن الإسلام مترسخة في الذهنية الغربية والدليل على ذلك أن الغرب بدأ يتجاوب مع هذه المبادرة ويسعى للحوار مع العالم الإسلامي. * شهدت المملكة العام الماضي افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ترون الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه الجامعة في إحياء النهضة العلمية للأمة الإسلامية؟ - جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية تمثل نقلة حضارية وركيزة قوية لدعم البحث العلمي والعمل على إحياء فريضة العلم النافع الذي دعا إليه الإسلام ،وأمر الرجال والنساء بالسعي إلى طلبه، فالسعي إلى طلب العلم جهاد كبير والأمة الإسلامية بحاجة إلى العلماء النابغين الذين يصنعون مستقبل الأمة العلمي ويحققون لها الاكتفاء الذاتي من إنتاج التقنية بدلا من استيرادها من هنا وهناك، فما أحوجنا في هذا العصر إلى تعلم العلم الذي يؤدي بالأمة إلى التقدم والرقي الحضاري ويعيد لها مكانتها اللائقة بين الأمم.