عشق الشاعر أحمد رامي أم كلثوم .. وأحبها الملحن محمد القصبجي .. وكاد شريف باشا صبري خال الملك فاروق أن يحدث أزمة ملكية حين قرر الزواج منها .. وتقدم لخطبتها العديد من الوجهاء والأثرياء .. كل ذلك وهي تخلو من مقاييس الجمال البشرية .. لكن ثم شيء آخر في أم كلثوم قد لا نستوعبه .. فيها جمال لا نشعره .. ولا ندرك معانيه .. يقولون أحبها كل من اقترب منها .. قد يكمن السر في شخصيتها وقوتها .. أو في أشياء أخرى. على صوتها تعلمنا الحب وفهمنا معانيه .. لكنها هي ذاتها أشك أن تكون قد شعرت بالحب أو ذاقت حلاوته وتجرعت مرارته. كثيراً ممن قرأنا لهم . وتلهفنا لكتاباتهم من أدباء وشعراء ومبدعين .. لا تعكس كتاباتهم حقيقة حياتهم .. لا أظن أن كل قصائد الغزل في الأدب العربي تعكس واقعا حقيقيا .. ولا كل الروايات التي قرأناها والحكايات التي استمتعنا بها، لا صدى في حياة من كتبها .. أظنه خيال المبدعين مدعماً ببعض القصص والحكايات لآخرين التقطوها من هنا أو هناك. هناك من كتبوا أروع قصص الحب مع أن حياتهم كانت مليئة بالتعاسة .. هناك من سطروا ملاحم في الانسانية والوفاء والصدق .. مع أنهم في الحقيقة أسوء خلق الله .. هناك من أطربونا بالحب والعشق وحكايات الغرام .. وقلوبهم كانت خالية خاوية لا تدب فيها سوى أصداء الوحدة والغربة. لا تعكس قصائد الشعر أو الروايات والحكايات حقيقة من عاشوها .. ولا تعكس حقيقة شخصياتهم .. وغالبا ما يكون المبدعون من الشعراء والرواة يعتمدون على إبداعاتهم من نسج خيالهم .. لذلك كلما اقتربنا منهم أكثر اكتشفنا مدى الزيف الذي يعيشونه .. وعرفنا أن الواقع شيء مختلف عن الحكايات والروايات. من المفترض أن لا ندمج بين سلوك الكاتب وآرائه .. وأن لا يصيبنا الايمان الكامل باعتبار أن هؤلاء الكتاب هم مجتمع من الملائكة .. هم بشر مثلنا لهم إخفاقاتهم ومشاعرهم وأحاسيسهم وأخطاؤهم .. يجب أن نتعامل معهم بواقعية بعيدا عن أن نصنع لهم صرحا في خيالنا .. ثم ننصدم بأن كل ما كنا نقرأه لهم .. وكل ما يمتعوننا به ما هو إلا صرح من خيال فهوى .. ودمتم سالمين.