تابع المعنيون بالشأن الاقتصادي الخليجي قبل عدة أيام اجتماع محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية للدول الأعضاء في اتفاقية الاتحاد النقدي الموقعة بالرياض بتاريخ 9يونيو2009 وهي المملكة ودولة الكويت ودولة قطر ومملكة البحرين والذي تمخض عنه قيام مجلس إدارة المجلس النقدي لدول الخليج العربية الذي انتخب بالإجماع محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي رئيساً للمجلس كما استعرض الأعضاء في اجتماعهم متطلبات المرحلة المقبلة المتمثلة في استكمال البناء المؤسسي والتنظيمي وصولاً إلى إتمام نظام البنك المركزي الخليجي حتى قيامه مع دراسة الأنظمة القائمة في دول المجلس ذات العلاقة بالاتحاد النقدي للتنسيق فيما بينها ولقد أكد الجاسر في مؤتمر صحفي عقب نهاية الاجتماع بأن البنوك المركزية الخليجية التي ستنفذ الوحدة النقدية لن تحدد موعدا نهائيا لانطلاق العملة الموحدة واعتبر ان موعد إصدار تلك العملة سابق لأوانه . لقد أدرك المتابعون لهذا المشروع الحيوي بحسهم الاقتصادي والسياسي العادي ان ولادة هذا المشروع تبدو لهم أنها متعسرة حتى الآن على الرغم من مضي ما يقارب ثلاثين عاما على انطلاق فكرة التكامل الاقتصادي الخليجي عبر قيام مجلس التعاون فيما بين دوله وتناسى هؤلاء المتابعون مدة نصف القرن التي احتاجتها العملة الأوروبية حتى ترى النور وبدون أن تدخلها بريطانيا الدولة الأوروبية ذات التأثير الكبير والثقيل في الشأن الأوروبي والدولي .. إن قيام المجلس النقدي لدول الخليج العربية يعتبر خطوة هامة وفي الاتجاه الصحيح نحو انطلاق العملة الخليجية الموحدة حيث تقع على كاهل هذا المجلس وحده مسؤولية النهوض بهذا المشروع بعد أن تستوفى كل الدراسات الفنية اللازمة لنجاح عملية الاتحاد النقدي بين دول المجلس الموقعة عليه وذلك قبل البدء رسمياً بالعملة الخليجية الموحدة بحيث تأخذ بحسبانها كل العوامل المؤثرة بتكوين هذه العملة إلى جانب تخصيص ميزانية خليجية لتهيئة القطاع الخاص بدول المشروع حتى تتحقق عملية التحول بنجاح مع الأخذ بالتجارب الإقليمية والدولية المماثلة للوصول لمستوى عالٍ من التفاهمات بين الدول الأعضاء في سياساتها المالية والاقتصادية والتشريعات النقدية فيها ولا يفوتني أن أنوه إلى أهمية قيام المجلس النقدي بدوره في نشر التوعية إعلامياً والتعريف بالعملة الخليجية الموحدة من خلال عمل المؤتمرات والندوات وورش العمل لإلقاء الضوء على منجزات المجلس النقدي والكشف الدوري عن المراحل التي تصلها العملة الخليجية الموحدة مع ضرورة إشراك الغرف التجارية والصناعية بدول المشروع في هذا الأمر وأهمية التواصل مع رجال الأعمال من مختلف التخصصات والمناشط الاقتصادية في تلك الدول لما في ذلك من أهمية بالغة بالنسبة لعمليات التخطيط بالقطاعين العام والخاص وصولاً للهدف المنشود بيسر وسهولة .. كما يجب أن يأخذ المجلس وقته الكافي والمريح قبل أن يعلن عن قيام العملة الموحدة خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية وتداعياتها على دول العالم كافة وبالأخص منطقة اليورو ... ولنا في من سبقنا من تجارب مماثلة فرصة قيمة للبدء بمشروع العملة من حيث انتهوا لا من حيث ما بدأوا وذلك من خلال تكثيف التشاور والتباحث المتأني مع ممثليات تلك الاتحادات النقدية من دول ومؤسسات استشارية مع ضرورة إشراك مراكز البحوث الأكاديمية المحلية المتخصصة في دولنا لتأخذ دورها الحيوي في ولادة هذا المشروع حتى لا نرى بعد طول انتظار ومخاض عسير ولادة عملة متخدجة تربك بولادتها المتعسرة تلك مسيرة التكامل الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي .