تسبب غياب حديد التسليح عن السوق في محافظة الاحساء إلى أضرار بالغة وشاملة أصابت جميع الشرائح من مواطنين ومقاولين وشركات الخرسانة الجاهزة وحتى موزعي الأسمنت ، وأدى هذا النضوب الذي مر عليه قرابة الشهرين إلى حالة من الركود المتزايد يوماً بعد آخر وتهدد ببلوغ هذا الركود حالة من الكساد الذي سينعكس سلباً على الاقتصادي الوطني برمته . وفي استطلاع أجرته ( الرياض) بلغت نسبة ممن أجبرهم اختفاء الحديد إلى التوقف عن تشييد منازلهم إلى نحو 50 % ، فيما اضطرت النسبة الباقية إلى شراء الحديد من السوق السوداء بزيادة وصلت إلى 1000 ريال في الطن الواحد عن تسعيرة وزارة التجارة في تجاوز صريح وعلني من قبل بعض الموزعين الذين استغلوا الأوضاع في ظل غياب رقابة صارمة من التجارة تمنع هذا النوع من التلاعب، فيما اضطرت شريحة أخرى من المواطنين لشراء حديد التسليح المستورد من تركيا والصين رغم سعره المرتفع . وفي جولة ل (الرياض ) بدت معظم مستودعات حديد التسليح في الاحساء خاوية تماماً ، فيما حوت مستودعات أخرى على كميات قليلة جداً من الحديد أخبرنا موزعوها بأنها مباعة قبل وصولها ، وأبلغنا مسؤول توزيع في إحدى شركات توزيع الحديد أنهم يتلقون يومياً ما يربو على 300 مكالمة هاتفية من كافة مناطق المملكة تسأل عن حديد ، فيما أكد مسؤول في شركة أخرى أن قائمة انتظار الحديد باتت تضم المئات . وأبلغ ( الرياض ) مسؤول في إحدى الشركات الكبرى للخرسانة الجاهزة ( طلب عدم ذكر اسمه ) أن أزمة الحديد تسببت في إجبار 50 % من المواطنين لإلغاء حجوزاتهم من الخرسانة ، وعبر المسؤول عن قلقه الشديد من استمرار هذه الأزمة مؤكداً أن خسائر جميع شركات الخرسانة الجاهزة باتت تتضاعف يومياً وتقدر بعشرات الملايين. وعلى صعيد قطاع المقاولين فلم يكن الوضع بأحسن حالاً فقد شكا بشدة عدد من المقاولين الذي التقيناهم من أن أزمة الحديد ألقت بظلالها عليهم ، وأشار المقاول " ح . ب ) أنه انتهى قبل ما يزيد على شهر من تخشيب سقف ثلاثة منازل وهو ينتظر طوال هذه المدة والخشب والدعامات وبقية المواد متوقفة هكذا دون فائدة ، كما أن الخشب وفي أجواء حارة سيتعرض حتماً للتلف ما يعني أنه سيخسر كميات كبيرة من الخشب في حال طال انتظار للحديد . وقال مقاول آخر إنه ونظراً لكثرة المشاريع التي لديه اضطر لاستئجار خشب وبعد أن أكمل وضعه لأعمدة أحد المنازل فوجئ بعدم توفر الحديد ليبقى لمدة ثلاثة أسابيع يدفع رسوم إيجار الخشب دون فائدة وبخسائر كبيرة . ويشير مراقبون أن أزمة الحديد في سوقنا المحلية تكاد أن تصبح أزلية مع تكرارها بين الفينة والأخرى ، فهي ما تكاد أن تغيب حتى تطل برأسها بسرعة ، فقبل نحو عام ونصف أصاب سعر الحديد المواطنين في مقتل وذلك حين ارتفع إلى عنان السماء ليتجاوز ال 6 آلاف ريال ، وما أن هدأت تلك العاصفة الشعواء ، وها هي توشك أن تكرر السيناريو التراجيدي الذي يدفع بالطبع ثمنه المواطن !