فلا يزال الشيطان يكيد للعبد حتى يوقعه في المهالك إما بالجفاء عن الدين وإما بالغلو فيه وكلاهما يوقعان صاحبهما في غضب الرحمن وعذابه، ومن الغلو بالدين التطرف والارهاب، والارهاب هو المصطلح العصري للفئة الضالة التي تعدت مرحلة الغلو إلى التطرف ومعناه البعد الكامل عن الوسطية والاعتدال التي أمر بها الشارع عز وجل وجعل الوسطية سمة الدين القويم قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً) البقرة (143) وتخصيص الوسط هنا يعني ان الأطراف داخلة في الخطر كما قال الشيخ الجليل ابن سعدي رحمه الله وقال أيضاً إنها وسط أي أمة بين التشديد والتهاون ونقل البغوي في تفسيره (122/1) عن الكلبي أنه قال يعني أهل دين وسط بين الغلو والتقصير. فحقيقة الدين الإسلامي الحنيف تدعو إلى توحيد الله بالعبادة وهو الأمر الذي بين العبد وربه والأمر الآخر هو ان يعيش الإنسان بسلام وان يسود المجتمع السلام ولا يكون هناك عداء إلاّ بعد الاعتداء بمعنى ان المسلم مسالم يسلم الناس من لسانه ويده إلاّ على من اعتدى عليه فيرده بعدل ولخلق الجو الذي يسوده السلام لابد من وجود الحوار الهادئ الهادف للوصول إلى نقاط اتفاق بين الأطراف وللكشف عن اللبس المسبب للاختلاف بين أفراد المجتمع ولخلق حياة لا تمارس فيها سياسة الاقصاء والتجنيب، فالإرهاب خروج عن الوسط وهو إثارة الخوف بين الناس وترهيبهم للوصول إلى مآرب أخرى وهو عمل يخالف الأخلاق الاجتماعية ويشكل اغتصاباً للكرامة والإنسانية وهو من الكبائر يستحق مرتكبه الذم والعقوبة لما فيه من اعتداء على الآمنين والحرمات وتخريب للأموال والممتلكات وكفى بالإرهاب تخريباً وذماً بأن يُنعت الإسلامُ به وهو منه برئ حيث إن الإسلام دين الله الذي ارتضاه لعباده فلا يمكن ان يأمر بالعنف والتدمير والتخريب لأن من صفات المولى عز وجل (الرحمن، الرحيم) وهذا تعارض وفهم قاصر غير مدرك، ولعلنا نجد الجهود الجبارة التي تقوم بها حكومتنا الرشيدة في التصدي لهذا الفكر الدخيل ومواجهته بشتى السبل وعلى كافة الأصعدة متواصلة ودائمة ضد هذا الداء المتسلل إلى المجتمع والوافد عليه. فمؤتمر (الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف) الذي أقيم في المدينةالمنورة لهو منارة مضيئة في سبيل تنوير الدروب ومنهل معين للشباب السعودي وللدعاة والخطباء والمعلمين والمعلمات لإيجاد سد منيع لا تتخلله الشوائب المعكرة لجو الألفة السائد بين أبناء الوطن الواحد ولتأصيل المعرفة الإسلامية كي تسير على خطوات منظمة مدروسة في معالجة هذه القضايا وهذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا المسلم. إن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني - وفقهم الله - والحكومة ككل قادرون بإذن الله على تحصين المجتمع السعودي من هذه الحفنة والعبور بنا إلى النور ودحر خفافيش الظلام الذين جل اهتمامهم هو تقويض البناء وهدم الحضارة، لم يسعوا إلى هدف نبيل قط بل إلى أهداف شيطانية خبيثة. * مدير عام فرع الشؤون الإسلامية بمنطقة القصيم