حسم المجلس الاقتصادي الأعلى الجدل بين شركات صناعة الحديد الوطنية ووزارة التجارة والصناعة التي واجهت أزمة تجفيف السوق من الحديد بإجراءات عارضتها المصانع والمجلس الاقتصادي الأعلى. ورفض المجلس الاقتصادي الأعلى الذي عقد عصر أمس برئاسة رئيس اللجنة الدائمة في المجلس وزير الخارجية صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل القرارات التي أعلنتها في وقت سابق وزارة التجارة لمواجهة أزمة تجفيف السوق المحلي من الحديد بتقييد المصانع الوطنية بأسعار أقل من سعر التكلفة، مؤكداً على حرية السوق وعدم التدخل في الأسعار لحل المشكلات الاقتصادية. وكشفت مصادر مطلعة أن المجلس الاقتصادي ناقش خلال اجتماعه أزمة الحديد من جميع جوانبها، مؤكداً أن قرارات "التجارة" لمواجهة الأزمة حملت معها مخالفات لمبادئ السوق الحرة التي تعتبر السعودية من أبرز الدول التي تتقيد بها. وأعاد المجلس للشركات الحرية في وضع الأسعار التي يحددها مبدأ العرض والطلب ورفض التدخل المباشر في الأسعار، كما رفض المجتمعون إقرار رفع الرسوم الجمركية البالغة 5% على الحديد المستورد. ويأتي اجتماع المجلس بسبب ما حدث من تفاوت في الأسعار ما بين شركات الحديد المحلية نفسها والحديد المستورد إذ ظهر للمجلس أن هناك فارقا سعريا يتجاوز ال735 ريالا للطن الواحد ، ما ساهم في استمرار شح الحديد في السوق وانتشار البيع عن طريق السوق السوداء. من جهة ثانية استغل بعض الموزعين وجود فوارق سعرية بين الحديد المنتج محلياً والمستورد ليتم خلط الأنواع الأرخص ثمناً وبيعها على أساس أنها حديد مستورد الذي يسجل أعلى الأسعار، مستغلين في الوقت نفسه زيادة الطلب على الحديد بعد أن تم التجفيف وعدم التدقيق من قبل المستهلكين على التفاوت بين منتجات الشركات، إضافة الى عدم انتباه الرقابة لمثل هذه الأساليب التي تدخل الموزعين في نفق الغش التجاري وهي أحد تداعيات تحديد الأسعار. وفي ذات السياق توقعت مصادر عاملة في الحديد أن يستقر سعر بيع الحديد خلال الفترة المقبلة عند سعر 3500 ريال للطن ومنها لسعر 4 آلاف للطن الواحد خلال العام الجاري، مؤكدة أن ذلك يعود لأسباب عالمية وليست محلية كما يعتقد البعض. وتابع المصدر أن سعر الحديد في السوق المحلي يجب أن يتماشى مع السوق العالمي، مشيراً إلى ان المبادئ التي دعا إليها المجلس الاقتصادي الأعلى سوف تسهم بشكل فاعل في استقرار السوق مع توفر كميات كبيرة منه. وقال المصدر سوف نلمس فاعلية تدخل المجلس الاقتصادي الأعلى خلال الأيام القليلة القادمة إذ سوف تختفي عمليات التخزين، لافتاً إلى أن التجربة التي مرت بها المصانع والتجار خلال الأزمة المالية العالمية وما حدث من انهيار في الأسعار تدفع الكثيرين للبيع أفضل من المغامرة والانتظار بناء على التوقعات. وكانت مصانع الحديد قد احتكمت إلى قانون المنافسة السعودي الذي يرفض على أي جهة فرض تسعيرة على المصنعين المحليين بما يتعارض مع الحرية الاقتصادية وحرية التجارة التي تنتهجها المملكة ويخل أيضا بمبدأ العرض والطلب كما يتنافى مع مبدأ رضائية العقود.