رغم الأزمة العقارية التي تعاني منها مدننا الكبيرة والغلاء الفاحش الذي تشهده بورصة الأراضي في هذه المدن، إلا أن المؤسف أن في مدينة جدة العديد من المشاريع العمرانية والسكنية والتجارية والفندقية انتهت أعمالها الإنشائية والخراسانية وتوقفت عند ذلك الحد ولم يتم البدء في تشطيبها واستكمالها رغم وجودها في مواقع مهمة على واجهات الطرق الرئيسية ومداخل الأحياء .. ولا زالت على هذا الحال منذ سنوات دون أن يحرك أصحابها ساكناً لاستكمالها أو تلمس أي بوادر لعودة العمل إليها؛ وهذه المشاريع المتوقفة تبلغ قيمتها مئات الملايين ورغم هذا لا يكترث أصحابها بإنجازها وأصبحت تشكل تشويهاً ونشازاً في العديد من المواقع كما تمثل أماكن خطر ومأوى للعمالة المخالفة ليلا خاصة إذا وجدت وسط الأحياء ولم يوجد فيها حراس.. خلافات ورثة وعجز مالي ويرجع سبب تعثر معظم هذه المشاريع العمرانية وعدم استكمال العمل فيها إلى الخلاف بين الورثة وعدم الاتفاق فيما بينهم على العمل على استكمال تلك المشاريع بعد وفاة رب الأسرة، وإصرار كل وريث على رأيه فمنهم من يرى استكمال العمل فيها ومنهم من يرى بيعها وتوزيع قيمتها على أفراد الأسرة وأن يأخذ كل وريث حصته ويتصرف بها على مزاجه وبالطريقة التي يريدها وفك الارتباط بين الورثة ليستقل كل منهم بأعماله ومشاريعه الخاصة التي لا يشاركه فيها أحد وهذا يكاد يكون السبب الأول لتوقف العديد من أمثال هذه المشاريع الاستثمارية كل هذه السنوات التي يتجاوز بعضها أكثر من عشر سنوات ويؤدي لتضعضع وإفلاس الكثير من الشركات العائلية رغم ماكانت عليه في السوق سابقاً من مكانة مالية وتجارية. والبعض الآخر يرجع هذا التوقف إلى العجز المالي الذي يمر به بعض المستثمرين والذين يقيمون مشاريعهم دون دراسة أو تخطيط لحجم تكلفتها، مما يؤدي إلى توقفهم في منتصف الطريق وعدم قدرتهم على استكمال التشطيب لتلك المشاريع وعدم رغبتهم للجوء إلى الاقتراض من البنوك بسبب فوائدها التي تقصم الظهر وعدم رغبتهم في بيعها لمستثمرين آخرين يتولون استكمال تشطيبها، لأنه يعز عليهم أن تنتقل ملكيتها لشخص آخر بعد أن وضعوا فيها كل أحلامهم وتطلعاتهم المستقبلية.. كما يرجع البعض سبب ذلك إلى ارتفاعات أسعار مواد البناء بشكل متلاحق ومفاجئ دون أن تتدخل الجهات المعنية لوضع حد لمثل هذه الزيادات النارية وغير المبررة في أسعار مواد البناء في أسواقنا.. وقال الأستاذ لؤي أبو الجدايل مدير مؤسسة أبوالجدايل للمقاولات والصيانة إن المؤسسة ستكمل تشطيب المشروع المعماري الخاص بها والواقع على طريق المدينة النازل بعد كوبري قريش الذي توقف العمل في تشطيبه واستكماله منذ أكثر من عشر سنوات، نافياً أن يكون هناك أي مشكلة أو خلاف بين أفراد الأسرة في استكمال هذا المشروع الذي تآكلت خرسانته بسبب طول الإهمال وعدم التشطيب، كما نفى أن يكون سبب توقف التشطيب لهذا المبنى بسبب خلاف مع الأمانة، مشيراً إلى أن تشطيب المبنى وترميمه وزيادة أدواره ولكنه لم يحدد الوقت لذلك رغم مرور كل تلك السنوات على ترك المبنى عاريا ومشوها. الوجه الجمالي للمدينة العديد من المهتمين بالجانب الجمالي للمدينة يؤكدون أن بقاء هذه المباني دون تشطيب وخاصة إذا بقيت على ذلك وقتاً طويلاً من الزمن وفي مواقع واجهات ومداخل المدينة وعلى شوارعها الرئيسية فإنها تشكل بقعاً سوداء في الواجهة العمرانية للمدينة، ويفترض أن يكون هناك اهتمام من ملاكها بسرعة تشطيبها وتجميلها.. وهذا لا يتوقف عند المشاريع الجديدة المتعثرة، وإنما يجب أن يشمل حتى المباني القائمة القديمة التي تشوهت واجهاتها وبهتت ألوانها، فإن المفروض أن يعاد تجديدها وترميمها لتشكل لوحة معمارية جمالية في المدينة وأن تكون مجسدة للموسيقى الصامتة التي هي العمارة الجميلة كما يقول بذلك المعماريون والفلاسفة.