على الرغم من البادرة الايجابية لوزارة المالية بتحويل مستحقات المقاولين لحساباتهم البنكية عبر نظام "سريع" والتي طلبت تزويدها بأرقام (ايبان) لمن يرغب في ذلك منهم، إلا أن استجابة معظم المقاولين لم ترتق لمستوى التطلعات لتطبيق نظام يهدف لسرعة صرف المستحقات وتخفيضا لأعباء إدارية على الإدارات المالية باستلام وتسليم الشيكات، حيث فضلوا الاستمرار في صرف مستحقاتهم بشيكات تسلم لهم من الجهة (صاحبة المشروع) حتى وان تأخر صرفها عدة أيام. ومع أن تطبيق نظام "سريع" يمثل نقله تقنية مطلوبة سيستفيد منها المقاولون بالدرجة الأولى وكذلك البنوك، إلا أن تردد المقاولين في قبول تلك الآلية الجديدة المتقدمة تبرز القصور في إدارة التغيير لكون "إرادة التغيير تقتضي إدارة التغيير" فمن الواضح انه لدى التفكير في تنفيذ هذا النظام تم التركيز على تلبية احتياجات الإدارات المالية الحكومية، إلا انه فيما يتعلق بالمستفيدين " المقاولين" لم يتم التعرف بشكل دقيق على متطلباتهم للتغيير! وإذا كان بعض المقاولين يخشون من حداثة تجربة النظام، فان ذلك لايعتبر مبررا باعتبار أن هناك اهتماما كبيرا لانجاح النظام خاصة وانه اثبت نجاحه في صرف مستحقات أخرى بالجهات الحكومية. إنني هنا سأركز على المشكلة الأساسية التي تسببت في عدم قبول معظم المقاولين لصرف مستحقاتهم عبر نظام سريع والتي تعود لتأكد المقاولين بأنهم سيعانون من فقدان السيطرة على متابعة صرف مستحقاتهم خاصة وان معظمهم لديه عدة عقود مع أكثر من جهة وتختلف آلية الصرف والفترة الزمنية من جهة لأخرى، وهناك جهات تعد مستندات الصرف من فروعها بمناطق المملكة وجهات أخرى تتم عملية الصرف من المركز الرئيس بالرياض وبعضها يصرف فورا وبعضها يتأخر الصرف لأشهر لاعتبارات التدقيق او تعزيز الاعتمادات، علاوة على أن معظم المبالغ المصروفة تختلف عن قيمة المستخلصات المقدمة تبعا للحسميات أو أن الصرف يتم لجزء من المستخلصات لأسباب تعود لنفاد الاعتمادات! ووفقا لمناقشات تمت مع بعض المقاولين في هذا الشأن أفادوا بأنه من الناحية العملية سيصعب على كل مقاول متابعة صرف مستحقاته في حال تطبيق نظام "سريع" بوضعه الحالي الذي سيتسبب في عدم معرفة المقاول لتبعية المبالغ التي تحول لحساباته البنكية يوميا والتي تختلف حسب حجم وعدد المشاريع لكل مقاول، خلافا للوضع الحالي الذي تتوفر المعلومة لمندوبي المقاولين عن كل شيك يتم استلامه ورقم المستخلص والمشروع التابع له ليتم قيده بحسابات المقاول! وللتغلب على هذه المشكلة فإنني اقترح أن يتم تخصيص شاشة بموقع وزارة المالية الالكتروني تتيح لكل مقاول (وفق تنظيم خاص) متابعة صرف مستحقاته في جميع الجهات بالاستعلام عن جميع أوامر الدفع الخاصة به والمعلومات التفصيلية لكل أمر دفع وكذلك تضمين كل حوالة بنكية بتلك التفاصيل لتوفير المعلومات التي يحتاجها المقاول آليا وبما يشجع على تقبل المقاولين لنظام "سريع"، أما مايخشاه بعض المقاولين غير المتنازلين عن مستحقاتهم للبنوك من احتمال حجز البنك على مستحقاتهم المحولة لحساباتهم في حال نشوء خلاف مع البنك قد يحرم المقاول من صرف استحقاقه كاملا، فانه يمكن لهؤلاء أن يحولوا استحقاقاتهم لحسابات جارية ببنوك أخرى لاتوجد تعاملات او ضمانات مقدمه منها – كحساب وسيط - ليتم خلال دقائق التحويل من هذا الحساب الى أي بنك يتعامل معه تلافيا لأي تخوف قد يحرم المقاول من الاستفادة من التقنية ومميزات "سريع"!