منذ انهيار سوق الأسهم السعودي في شهر فبراير عام 2006م، انبرت أقلام المختصين وبحت أصواتهم لمناشدة هيئة سوق المال بتعميق السوق من خلال طرح المزيد من الاكتتابات باعتبار ان من أهم أسباب الانهيار هو تضخم أسعار الأسهم الذي أدى إلى ارتفاع المؤشر الجنوني الناتج عن توفر سيولة عالية تطارد أسهم قليلة بالسوق، ويظهر ان هذه المناشدة حازت على استحسان هيئة السوق التي فتحت الباب على مصراعيه لطرح المزيد من الشركات للاكتتاب العام في وقت وجيز، عبر بشكل أو بآخر عن ان هذا الطرح قد واكبه الكثير من التسهيلات المتعلقة بتطبيق الضوابط والشروط المعمول بها من السابق لدى الهيئة والتي قد تتفق مع طبيعة المرحلة آنذاك، الأمر الذي دفع بالكثير من الشركات - بعيداً عن ذكر الأسماء - إلى ولوج السوق في وقت قياسي من خلال اطروحات سريعة ومثمرة لصالح مالكيها الأصليين على أقل تقدير من خلال ما حصل تحت مسمى (ما يمكن ان يطلق عليه حلاوة إصدار، أو بشكل أصح علاوة إصدار) ناهيك عن التقديرات المبالغ فيها لممتلكات الشركات المطروحة (الأصول)، مع بقاء أصحابها ملاكاً لنسبة أكبر من أسهمها في الوقت الذي تعتبر فيه مباعة لصالح المساهمين، ولا ننسى ان بعضاً من الشركات المدرجة في السوق مؤخراً تتداول الآن بأقل من سعر الاكتتاب كانكشاف طبيعي لموقفها المالي الهش، الذي ظهر بشكل أكثر جلاءً مع صدور أول ميزانيات لها، والتي يغلب عليها ظاهرة تحقيق الخسائر، وإن حقق أي منها أرباحاً فهي لا تتجاوز في مجملها ما تحققه أقرب محل بقالة في أحد الأحياء الآهلة بالسكان، إلى درجة أصبح فيها صاحب محل البقالة المجاور لمنزلي المدعو (كومار) يسأل عن الشروط اللازمة لطرح بقالته للاكتتاب العام بقيمة أكثر من تكلفتها الفعلية في مقابل ان يمتلك نصفها كأسهم تأسيس. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن إلى متى يظل طرح الاكتتابات الجديدة مستمراً في ظل السوق المتعثر الذي نشهده اليوم، والذي ما ان يحاول استجماع قواه للنهوض واللحاق بالأسواق المجاورة الأخرى، إلا ويضرب على رأسه باكتتاب آخر جديد يخرج بعده في سبات عميق نتيجة لذلك، ومتى يتغير لدى الجميع مفهوم تعميق السوق الذي فرضته معطيات فترة زمنية ماضية، إلى مفهوم حماية السوق الذي تفرضه الفترة الزمنية الحالية؟