تطرق الزميل الاستاذ عبد الوهاب الخميس في جريدة الاقتصادية إلى موضوع مهم مدعم بلغة أرقام رسمية مصدقة من وزارة العمل عام 2008. مقال الزميل الخميس كان بعنوان ( زيادة مميزات التأمينات الاجتماعية، الطريق الأول لتحفيز سعودة القطاع الخاص) لكنه بدأ المقال بأرقام ذات دلالة مهمة في قضية السعودة، و لأهميتها أعيد نشرها للمشاركة في هذا الموضوع المهم: تقول الأرقام أ، نسبة العاملين في القطاع الخاص من غير السعوديين من حملة الشهادات دون مرحلة الابتدائية ( فقط يقرأ و يكتب) أكثر من 61 % من إجمالي العاملين في القطاع الخاص. أكثر من 15% من العاملين في القطاع الخاص من غير السعوديين لايقرأ و لا يكتب. أقل من 6% من العاملين غير السعوديين يحملون مؤهلات بكالوريوس و ماجستير و دكتوراه و زمالة. تلك الأرقام هي كما ذكر الزميل الخميس مؤشر على أن المشكلة ليست في ضعف مخرجات التعليم خصوصا التعليم العالي لأن نسبة العاملين من غير السعوديين في القطاع الخاص من حملة شهادات البكالوريوس لا يتجاوزون 6%. و هنا نسأل. ألا تعني تلك الارقام ضرورة إعادة النظر في إستراتيجية السعودة وتوجهاتها؟ ماذا نعني عندما نتحدث عن السعودة. هل نتحدث عن قطاع التعليم أم قطاع الصحة، أم الأعمال الفنية و المهنية؟ وماذا عن مخرجات التعليم؟ هل نقصد الجامعي أم التعليم العام؟ لقد أصبح لقضية السعودة ملف ضخم يتضمن كل مادار حول القضية من أفكار و مقترحات للوصول إلى الخطة الأمثل لتنفيذ إستراتيجية الدولة. وفي كل مرة تطرح القضية للنقاش يبرز محور مخرجات التعليم، وهو المبرر الذي يردده القطاع الخاص، لكن الاحصائيات التي أشرنا اليها تشير الى أن اقل من 6% من العاملين غير السعوديين يحملون مؤهلات بكالوريوس، وماجستير، ودكتوراه، وزمالة. هنا نجد أننا أمام قضية تتعلق بنوعية الاحتياج، ونوعية الوظائف المتاحة للسعوديين في القطاع الخاص؟ ويبدو من خلال تجربة السنوات الماضية أننا بحاجة الى مراجعة خطة تطبيق إستراتيجية السعودة و النظر في مسألة الحوافز لتشجيع السعوديين للعمل في القطاع الخاص، وأن لا تكون الحوافز موجهة إلى صاحب العمل فقط. الى جانب الحوافز المطلوبة لجذب السعوديين للعمل في القطاع الخاص فإن من المهم ايجاد مسارات جديدة للتعليم و التدريب تستقطب خريجي الثانوية العامة لتأهيلهم للعمل في وظائف محددة، فليس مطلوبا أن يتجه كافة خريجي الثانوية العامة الى الجامعات ثم لا يجدون بعد ذلك ما يستوعبهم من وظائف. إذا تعاملنا مع محوري مخرجات التعليم والحوافز، يأتي بعد ذلك محور الرواتب و المكافآت، و هي بحاجة الى إعادة النظر لتحقيق العدالة و تشجيع استقطاب الكفاءات الوطنية المؤهلة لتتسلم المسؤوليات القيادية. وقد قيل أن وزارة العمل تسعى إلى توظيف من لا يرغب العمل عند من لا يريد توظيفه. أما عدم الرغبة في العمل فيتم معالجتها بالحوافز المادية و المعنوية و تحسين ظروف العاملين في القطاع الخاص، وتأمين مستقبلهم بالأمن الوظيفي، و المميزات المرتبطة بالتأمينات الاجتماعية، أما الذي لا يرغب في توظيف المواطن و هي تهمة لا تشمل الجميع و في العادة فإن المبررات التي تتردد دائما في المنتديات عن معوقات السعودة في القطاع الخاص من وجهة نظر القطاع الخاص هي مخرجات التعليم، و عدم توفر الثقافة المهنية لدى المواطن مما يؤدي إلى سلوك إداري لا يتسم بالانضباط و الالتزام. هذه التهم هي في ظني تنطبق على حالات فردية و يصعب تعميمها، ثم إن المواطن الذي يقرر بعد فترة عمل قصيرة ترك العمل فجأة هو حالة تستحق الدراسة و ينبغي على المسؤولين في المؤسسات و الشركات التي يعمل بها من تنطبق عليه هذه الحالة إجراء مقابلة خروج للتعرف على أسباب ترك الوظيفة فإن تعذر ذلك كان على الباحثين في هذا المجال البحث عن هذه الفئة لإلقاء الضوء على التجربة و أسباب فشلها. يجب أن نعمل على إلغاء كافة المبررات التي يرددها البعض حول توظيف المواطن في القطاع الخاص، فحتى الآن لم يتم ربط مخرجات التعليم بالاحتياجات الفعلية، و حتى الآن يستمر الاستقدام في كافة المجالات ومنها مجالات يتوفر فيها سعوديون مؤهلون. لن نطالب بإستراتيجية للسعودة فهي موجودة و لكن ننتظر تفعيل خطة التنفيذ وتطويرها و التعديل في مساراتها حسب الحاجة.