الضمير تقييم ذاتي يدرك من خلاله الفرد التصرفات الخاطئة والصائبة قبل الوقوع بها ويحرص بعض الآباء والأمهات على تنمية الضمير لدى أبنائهم منذ الصغر، ليكونوا قادرين على مواجهة الحياة بنظرة سليمة وتصرفات مسؤولة (الرياض) التقت بعدد من الأشخاص الذين تعرضوا لمواقف دفعهم فيها الضمير إلى التصرف، بشكل سليم، بينما البعض تصرف بلا ضمير وكذلك الرأي الاجتماعي والنفسي، لمعرفة اثر الضمير على الفرد والمجتمع والوسائل المتاحة لتنمية الضمير لدى الأبناء. الضمير دفعني للاعتراف. تقول (منى التميمي) طالبة في المرحلة المتوسطة حدثت مشاجرة بين مجموعة من الطالبات في ساحة المدرسة وصلت لحد الاشتباك بالأيدي، وقد شاهدت من بدأ بالشجار أولا وقد طلبت مديرة المدرسة منا إخبارها بالحقيقة، ولكن الجميع رفض وادعوا أنهم لا يعلمون شيئا خوفا من تلك الشلة التي كثيرا ما تثير المشاكل في المدرسة، وتتابع قائلة بسبب صمتنا قامت المدير بمعاقبة الطالبة التي تم الاعتداء عليها كنت اعتقد بان الموضوع قد انتهى، ولكن لم أنم طوال الليل لان منظر الفتاة لم ينمحي من ذاكرتي وهي تحلف بالله باكية انه لا ذنب لها) وتضيف قائلة في الصباح توجهت إدارة المدرسة وأخبرتهم الحقيقة فما كان من المدير الا ان اعتذرت للفتاة أمام الطابور الصباحي وعاقبت من كان يستحق العقوبة وتتابع لقد شعرت براحة غريبة واختفى ذلك الصوت الذي يؤنبني. تصرف بلا أخلاق سارة الجمعان طالبة جامعية، فتقول:تعرضت إحدى صديقاتي لسرقة حقيبتها وقد بحثنا طويلاًً في إرجاء الكلية، ولكن دون جدوى، وعندما ذهبنا للبحث في بوابات الجامعة وجدنا حقيبتها ملقاة على الأرض، وجميع أغراضها مبعثرة وقد قامت بسرقة النقود وصور أبناء صديقتي ولقد حزنت صديقتي لذلك الفعل وتلك الفتاة لديها عدوانية لأنها لم تكتف بالسرقة، بل وقامت بتحطيم الإغراض. اعادة المبلغ تتحدث(أم محمد) في العقد السابع من العمر قائلة منذ أكثر من عشرين عاماًً حدث موقف مع احد موظفي البنك، فقد ذهبت مع أخي للبنك وقمت بشراء مليونين ونصف المليون ليرة لبناني بقيمة خمسة آلاف ريال، وعندما خرجت من البنك قرأ أخي الإيصال فوجده مليونين ونصف المليون ريال سعودي وعندها عدت للموظف وأخبرته بخطاه وقد كاد يغمى عليه من هول الصدمة، وعلى الفور قام بتعديل الخطأ من ريال إلى ليره).وتتابع قائلة ( بعد مرور خمس سنوات قمت ببيعها بمبلغ خمسة وعشرون إلف ريال) وتواصل مبتسمة (كدت أن أصبح مليونيرة بين يوم وليلة، ولكن مخافة الله وكره الحرام حال دون ذلك. ادراك الخبيث من الطيب وعن اثر الضمير على الفرد والمجتمع تشاركنا الدكتورة (هيفاء الشلهوب) أستاذ التخطيط الاجتماعي المساعد بكلية الخدمة الاجتماعية بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن قائلة الضمير هو استعداد نفسي لإدراك الخبيث من الطيب من الأعمال والأفكار والتفرقة بينها واستحسان الحسن واستقباح القبيح منها وهو قدرة الإنسان على التمييز فيما إذا كان عمل ما خطأ أم صواب أو التمييز بين ما هو حق وما هو باطل، و قد يسمي " الوجدان " وهو الذي يؤدي إلى الشعور بالندم عندما تتعارض الأشياء التي يفعلها الفرد مع قيمه الأخلاقية، وإلى الشعور بالاستقامة أو النزاهة عندما تتفق الأفعال مع القيم الأخلاقية، وهنا قد يختلف الأمر نتيجة اختلاف البيئة أو النشأة أو مفهوم الاخلاق لدي كل إنسان والهدف الرئيسي لأي مبدأ في التربية هو إعداد مواطنين صالحين قادرين على خدمة وطنهم وكسب عيشهم وسد احتياجاتهم ) وعن وسائل تنمية الضمير. وعن دور المؤسسات التعليمية في تنمية التقييم الذاتي تواصل قائلة تهتم كثير من المؤسسات التعليمة، بتنمية الجانب المعرفي لدى الطلاب في العملية التعليمية تدريساً وتقويماً، وقلما تعطي اهتمام بشكل مباشر أو منظم لتنمية المهارات والمكونات المتعلقة بالجوانب الاجتماعية والأخلاقية في شخصية الطالب.مما يتطلب ضرورة تهيئة المعلمين ليكونوا قدوة حسنة. ويهتمون بغرس القيم في نفوس الطلاب وتحويلها إلى ممارسات واقعية، وتعزيز روح التعددية والحوار وتكوين الرأي الحر وتقبل الأفكار دون تمحيص وأن يرعى المعلمون طلابهم ويهتموا بشخصياتهم وليس بحشو أذهانهم بالمعلومات، والتركيز على التربية الأخلاقية والسلوكية وتربيتهم على الاستقلال الشخصي والفكري والتعبير عن المشاعر والحوار، وقبول الاختلاف والاستفادة من الآخر وإيجاد بيئة تعليمية تركز على القيم وتكوين الاتجاهات وبناء المهارات وإنتاج شخصيات واثقة قادرة على تحقيق تقدم وتنمية المجتمع وتطوره. اشباع الدوافع يشاركنا الدكتور(فهد العبري) أكاديمي ومهتم بالشؤون الاجتماعية والنفسية قائلا: يجب أن نعي آلية تكوين الضمير عند الطفل يولد الطفل بدوافع فطرية ولادية مثل الدافع للجنس والعدوان ويبدأ الطفل في إشباع هذه الدوافع بطريقة (الهو) متحررة تتخذ من "مبدأ اللذة" محوراً لها وهكذا يمضي في هذا الإشباع اللذوي حتى يبدأ يصطدم بالواقع الاجتماعي المحيط الذي يبدأ يعيقه عن إشباع هذه الدوافع دون ضوابط وأهمية هذه الفترة العمرية (سنتين – 3سنوات) أنها الفترة التي يتم فيها تشرب الطفل لقيم مجتمعه وضوابطه، حيث يتم في هذه الفترة صب سلوك الطفل في القوالب الاجتماعية ويعتبر الضمير على درجة كبيرة من الأهمية فيما يخص التربية ومع الأسف أن مؤسساتنا التربوية المختلفة لا تعي هذه النقطة، حيث نجد مؤسسة الأسرة تنمي في الطفل ثقافة العيب، حيث يقال له لا تعمل هذا لأنه عيب والناس يشاهدونك وكذلك المدرسة ومن هنا طغت ثقافة العيب القائمة أصلاً على مراعاة الناس على ثقافة الحرام والمكروه والأولى تركه والتي تبنى على الضمير. ومن هنا وصل البعض إلى حالة "موت الضمير" لذلك يجب على جميع المؤسسات التربوية العمل على تربية الضمير لدى الأبناء ومن أهم الطرق لذلك توضيح أهمية الضمير لهم أولاً ثم تربيتهم تربية إسلامية صحيحة فالإسلام يولي الضمير عناية خاصة ثم يأتي بعد ذلك تدريبهم على تحكيم الضمير فكثير من الأبناء أصبحوا دمى تتحرك وفقاً لرغباتنا وضمائرنا حتى تعطلت ضمائرهم فعندما يؤمر الطفل بعمل شئ ما أو ينهى عن عمل آخر يجب أن يخبر لماذا ولكن الأهم تعريض الطفل لتجربة حياتية حية ثم إعطاؤه فرصة لإعمال ضميره في هذه التجربة يأتي بعد ذلك إبعاد الطفل عن التناقضات التي يعيشها الكثير منا بين القول والفعل (التربية بالقدوة) فعندما يرى الطفل أحد الراشدين في محيطه العائلي أو المدرسي يقول شئ ويعمل ضده فان هذا يعمل على قتل الضمير عند هذا الطفل بعض هؤلاء الأطفال ويتولون مناصبا معينة ولنا في مأساة جدة خير مثال.