في الثالث عشر من اذار، اليوم الذي يصادف ذكرى ميلاد الراحل الكبير محمود درويش، اختار الفلسطينيون ان يجعلوه يوما للثقافة الوطنية، بمختلف معانيها وتجلياتها من خلال سلسلة من الفعاليات التي تجسد البعد الثقافي والحضاري بين الانسان الفلسطيني وارضه. ندوات ولقاءات ومعارض وعروض مسرحية وفعاليات متنوعة ستنظم في مختلف ارجاء الضفة الغربية، داخل القاعات المغلقة وفي المدارس والمسارح، وفي بؤر المواجهة الميدانية مع الاحتلال الاسرائيلي حيث الجدران والغيتوات وسرقة الارض، هي ارثه الذي لن يدوم. ولأن "من يروي الحكاية يرث ارضها"، فقد ارتات مؤسسة محمود درويش، ان يكون عيد الثقافة الفلسطينية مقترنا دوما بنزعة التجدد والابداع، وهو ما ميز مسيرة الشاعر الكبير، من خلال تخصيص جائزة باسمه، كتقليد سنوي، لكل مبدع فلسطيني او عربي او عالمي تتوافر في نتاجه قيم الابداع الثقافي الفنية والوطنية والانسانية. وستسلم هذه الجائزة وقيمتها المادية 25 الف دولار اضافة إلى شعار وبراءة موقعة من رئيس دولة فلسطين، لمستحقها- فردا او اكثر- خلال مهرجان مركزي، مساء غد السبت في قصر الثقافة برام الله على بعد امتار فقط من بقعة الارض التي احتضنت شاعر فلسطين الى الابد. وتتزامن مع المناسبة الاولى لعيد الثقافة الوطنية ايضا حملة "الاكتتاب الوطنية الكبرى"، يساهم الفلسطينيون من خلالها بجهدهم الذاتي ومالهم الخاص في بناء صرح محمود درويش وحديقة البروة برام الله على قطعة الارض التي ووري درويش ثراها. وتحاكي الحديقة بمكوناتها ومرافقها قرية فلسطينية بكامل معالمها مع الحرص على استخدام الحجر بخامته الطبيعية على غرار شبيه بجدران الحقول في القرية. وتضم مسرحا مفتوحا وممرات تحيط بها الزهار والاشجار، ويتوسطها تمثال عال للشاعر محمود درويش. وقالت مؤسسة محمود درويش ان هذه المبادرة تاتي تعبيرا عن الوفاء والاعتزاز بالثقافة الوطنية ورمزها الكبير، على غرار الحملة التي نظمها جيل الاستقلاليين اوائل القرن الماضي في مصر باموال وجهود كافة المصريين لبناء تمثال نهضة مصر والذي اصبح معلما من معالمها حتى يومنا هذا. واضافت المؤسسة في تعريفها للجائزة: لقد جمع درويش بين جماهيرية الشعر وكرامة القصيدة وبين صوته المفرد المتفرد وصوت شعبه وغدا صوتا جماعيا يعرف بالقضية الفلسطينية وتتعرف به".