قال الخبر الديكوري : كان المطبخ يوماً ما أهم غرفة في المنزل ، ثم قلّ حجمه وتراجعت أهميته بصعود المطابخ المركبة ، غير أن المطابخ أصبحت في كثير من المنازل والشقق هذه الأيام تمثل قلب المنزل مرة أخرى ، ولم يعد الأشخاص يطبخون بعيداً عن الأنظار بل على مرأى كامل من العائلة والضيوف . جميل هذا الكلام ....نظرياً على الأقل وليس من رؤية ثلاثية الأبعاد لاشك ، إذ ان الوضع في البيوت العربية تحديداً ومنذ سنوات طويلة كان دوماً يتميز بحرص غامر على الرائحة الزكية في مجالسها وغرف راحتها . لذا بقيت كثير من هندسة منازلها تبعد غرفة المطبخ قدر المستطاع عن بقية غرف البيت ، وبقي شكل التصميم يعتني بهذا الاتجاه حتى غمرنا الأسلوب الغربي في موضة التحديث وبدأت نزعة دمج المطبخ مع غرف الاستقبال في البيوت الحديثة تنتشر . ولكن فكروا معي " الكمون والبزار ، البصل والثوم ، الكزبرة التي تسميها بعض العاملات بثقة مفرطة ، " خسبرة " وتضحكنا ، ماذا نفعل حقيقة ببقايا وجودها ؟" تقلية الملوخية ، الكاري ، الأسماك والكرومب إن كنتم مثل أغلب الناس والأجيال متعولمين غذائياً ؟ في ظل هذا الاتجاه الذي يقلب موازين الألويات لدى الناس ما هي الصورة المتوقعة ...وبدون مجاملات للتنظير الديكوري الجديد ؟ تقول صديقة مقربة عن تجربتها بهذا الخصوص " لقد عانيت في تجربتي منذ سنوات من وضع مشابه حيث أبقينا جزءاً من حائط المطبخ مفتوحاً على غرفة المعيشة عندما كان الأطفال صغاراً وعليّ متابعتهم من تلك الفتحة الديكورية عند العمل في المطبخ وبالطبع كان البيت يبدو أنيقاً ولكن فعلياً تأثير روائح الطبخ كانت تتسرب لكل الغرف حتى غرفة استقبال الضيوف رغم وجود مروحة شفط قوية " وعليه ، فإن أي محقق تفتيش بيئي أو ضيف غفلة أو متوقع ، سوف يلاحظ رائحة الطعام ومشتقاته فور وصوله مدخل البيت ، فكيف إن وجد نفسه معزوماً مثلما تقول إحدى المتخصصات الغربيات في الأثاث المنزلي الحديث ، أمام واجهة مطبخ غير تقليدي يذكره بغرف المعيشة ، لن يضره بالطبع رائحة شوية خضروات مسلوقة أو قطع لحم مشوية بالعدد ، أو فطيرة التفاح بالفرن . غير أن قائمة أطعمتنا المذكورة سابقاً خاصة الكبسة نسيتها رغم أنها تشكل نقطة ضعف 99% من تعداد الشعب السعودي والخليجي عموما ، ماذا سيكون الحال مع تلك الروائح التي لن يزيلها البخور أو رش العطر قبل أن يتم التخلص من الرائحة بواسطة التهوية والتنظيف والخ ... الآن نعود قليلا إلى مخيلة وتذوق المرأة ، درجة وعيها البيئي والاجتماعي ونستخلص بدون عناء أنها تدرك جيدا محدودية موقع المطبخ من منظور ديكور عصري جميل وملفت ان توسط صحن البيت وأرغم جميع الغرف إلى الالتفات أو التحلق حوله . على الجانب الآخر إن أبقيناه بعيداً قليلا مع وجود كل المميزات المطلوبة ما هو الممكن في الاختيارات ؟ نهرع وراء صورة مطبخ رائع التفاصيل ( كل النساء مغرمات بالمطابخ الجميلة ) انها الفطرة ، نحلم بمساحته الكبيرة ، خزائنه الملونة ، ترتيبه وأدواته الحديثة . نطل في الصور ونفكر ربما بنافذة تطل على الحديقة والمسبح سوف يمكننا أن نتناول فنجاناً من القهوة في الضحى منشرحين ، نراقب صغارنا واستعدادات اليوم الغذائية أو نحضرها ونحن في حالة كشته وإحساس جميل يتوالد تلقائيا . هل يمكن تخيل الوضع والتورط في تفاصيله ؟ إذن فلنعد إلى أصول التصميم العربي للبيوت ونجعل له صحنين المفتوح الذي يتوسط البيت ويقال عنه قلبه ومحوره والآخر المطبخ بخصوصيته وأهميته على أن يظل جميلاً .....