الهامش الأول: ستختتم فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب يوم الجمعة القادم على خير ما تأتي النهايات الطيبة، وعلى خير ما يتمنى أهل الثقافة، والمسؤولون في وزارة الثقافة والإعلام. لم نر احتباساً، ولا تشنجاً، ولم نر تجاوزاً، أو تطاولاً من أي جهة حكومية أو من جهة فردية. هذا ما نوده دائماً لمثل هذه المعارض الفكرية. معرض الكتاب تظاهرة إنسانية، هكذا أدعوه، ذلك أن الكتاب هو ألصق منتج أنتجه الإنسان، وهو قريب ولصيق بإنسانيته. ويذهب بعض المفكرين إلى أن الكتاب هو الإنسان، وهو شخصية الإنسان بدون رتوش أو تزويق. قد يختلف الكتاب عندما يخرج إلى الشارع عن الإنسان عندما يخرج إلى الشارع أيضا، لكن يظل الشبه بين الاثنين كبيراً. لهذا كله فإن النفس البشرية تواقة لأنْ ترى الكتاب على خير صورة من الإنسان الطبيعي، دون رتوش أو قواعد أو أنظمة تُفرض عليه. وكلما كان الكتاب بسيطاً، وصل إلى المتلقي كما أراده مؤلفه، وكان حرياً به أن يجد الذيوع والانتشار والقبول. وكان معبراً عن صدق المشاعر، ووصف الواقع. الهامش الثاني: يقولون إن الكتاب صناعة، والثقافة صناعة. أما في معرض الكتاب في الرياض فأقول عنه: إن الكتاب تجارة، والثقافة تجارة ؛ فالملاحظ أن بعض الناشرين العرب للأسف الشديد يغالون مغالاة لا مبرر لها في أسعار الكتب. وهم يرون أن معرض الرياض يغطي كل مصروفاتهم السنوية، ويدر عليهم أرباحاً طائلة. وهم يرون أن السعوديين يدفعون بدون سؤال، أو تروّ، وهم يرون أن رفع السعر في الرياض لا ضرر منه، ولا تساؤل عنه من أي جهة رسمية أو أهلية. يزيد سعر الكتاب في الرياض على سعره في القاهرة أو دمشق أو الكويت أو تونس أو المغرب زيادة كبيرة. ولقد سمعت كلاماً طويلاً عن هذا الأمر من بعض الناشرين. ورأيت المغالاة حيث لا رقيب ولا حسيب. ثم تحدثت مع الأستاذ أحمد بن فهد الحمدان رئيس جمعية الناشرين السعوديين، ونائب رئيس اتحاد الناشرين العرب. وهو من أنشط الفاعلين في ميدان النشر وثقافة الكتاب. وهو وافقني على أن بعض الناشرين العرب يستغلون المشترين في معرض الرياض أسوأ استغلال. ولقد لمته أن تعطي جمعية الناشرين السعوديين تخفيضاً مقداره 20% للناشرين. لمَ هذا، وأين المقابل. ثم سألت نفسي أليست الأدوية والمعاش وسائر المبيعات تُراقب من حيث الجودة والسعر. لمَ لا تراقب أسعار الكتاب، ولمَ لا تقوم جهة، لا أدري من هي، برصد المخالفات من قبل بعض الناشرين الجشعين. هل هذا دور وزارة الثقافة والإعلام، هل هو دور الجمعية السعودية للناشرين؟ حدثني مسؤول كبير في معرض القاهرة الدولي للكتاب أن إدارة المعرض منعت هذه السنة ناشراً عربياً معروفاً من المشاركة في المعرض بسبب تكرار مغالاته في أسعار كتبه، مغالاة غير مبررة، بل هي أقرب إلى التزوير والتبليس والغش. عندنا لم يعد الكتاب صناعة. أضحى تجارة من لا تجارة له. الهامش الثالث: حضرتُ بعض فعاليات ثقافية مصاحبة لمعرض الرياض. وسرني أن وجدت تنوعاً في الموضوعات، وجدة في الطرح، واختصاراً في الوقت ، وسرني كذلك اشتراك الجنسين اشتراكا محتشماً، روعي فيه أعراف هذا البلد حرسه الله، ثم سمعت وقرأت عن إعجاب كثير من المرتادين بالبرنامج الثقافي المصاحب. وما أعرفه أن محاضرات فكرية أو ثقافية تصاحب معارض الكتاب تنحو نحوَ كسب جمهور عريض من رواد المعرض، لهذا يستحسن ألاّ تكون المحاضرات والندوات متخصصة تخصصاً دقيقاً. وهو ما عليه محاضرات وندوات معرض الرياض. ويجادل البعض، ويريد المحاضرات ذات صبغة أكاديمية وأقول لهؤلاء: من يرمْ مثل هذا الصنيع فعليه أن يوجه وجهته الجامعات ومراكز البحوث والمعاهد المتخصصة. أما معارض الكتاب فهذا دورها وهو نشر الثقافة أو المعرفة العامة، وليست الثقافة أو المعرفة المتخصصة. الهامش الأخير: عانى كثير من المواطنين والمرتادين من مسألة مواقف السيارات. هذا موضوع مهم ، ولا أجد أن لدى إدارة المعرض أو إدارة مركز المعارض حلاً يسيراً أو مواتياً، طالما أن الرياض وهي العاصمة الكبيرة، تكاد تخلو من وسائل النقل العام. هذه مسألة حرجة ومعقدة وسوف تزداد حرجاً وتعقيداً على مر الأيام. سكان الرياض الآن يقربون من ستة ملايين نسمة. هذا العدد لا يتوفر له وسيلة نقل عامة مثل بقية عواصم العالم. انظر إلى السيارات في الشارع، قلما تجد اثنين أو ثلاثة في سيارة واحدة. هذه صبغة الحياة المادية التي صبغ الزمن بها مسار حياتنا لكن هذا لا يمنع أن تبحث إدارة مركز المعارض هذه المسألة المضنية، تبحثها لتجد حلاً مؤقتاً، حتى يتم معالجة قضية المرور والنقل العام في العاصمة معالجة نهائية. نحن لا نريد أن نعيد اختراع العجلة، ولكن نريد أن نجلب ما عند الآخرين من حلول حديثة؛ لهذا اقترح حلاً مؤقتاً إما توسعة المواقف الحالية، أو تخصيص فضاء واسع لمواقف السيارات، بعيدا عن المعرض، وتوفير حافلات مناسبة لنقل الزوار إلى المعرض ومنه إلى المواقف. وكلمتي الأخيرة: شكراً لوزارة الثقافة والإعلام ولكل من ساهم في جعل معرض الكتاب من تقاليد الرياض السنوية.