سنحت لي فرصة للاطلاع على برنامج زيارة نائب الرئيس الامريكي لاسرائيل، ووجدت صعوبة في تصديق جدول الزيارة. فقد تضمن لقاءً موسعاً وآخر مقتضباً مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ومأدبة عشاء في المقر الرئيسي لرئيس الحكومة وعقيلته، وجولة بالمروحية مع وزير الدفاع ايهود باراك، والقاء خطاب في جامعة تل أبيب. مسودة خطابه لم تُسرب لي، لكني سأجازف بالقول أن بايدن سيسترسل في اطلاق العبارات الودية، والتأييد والالتزام المطلق بأمن اسرائيل وازدهارها. الكثير من الاهتمام الذي جاء متأخراً سنة كاملة أضاعها اوباما في خطوات سياسية ساهمت فقط في زعزعة الثقة بالموقف الاميركي المتهالك أصلاً في الشرق الاوسط. لقد ظن أوباما ومساعدوه بأن مد ايديهم للعالم العربي وايران، واقتباس الآيات من القرآن، والابتعاد الاستعراضي عن اسرائيل، سيخفف من حدة العداء لاميركا بين المسلمين والعرب. لكن هذا لم ينجح. في اسرائيل تثير ادارة اوباما قلقاً مزدوجاً، الاول نابع من احتمال ضغطها على اسرائيل وتقليص المساعدات لها لدفعها للانسحاب من الضفة الغربية لاقامة الدولة الفلسطينية. والثاني بسبب تسليمها بواقع القنبلة النووية الايرانية. الاسرائيليون الذين اعتادوا على دلال بيل كلنتون وجورج بوش شعروا فجأة بأنه لا صديق لهم في البيت الابيض. وليس من الواضح أن أوباما يؤمن برؤية "الواقعيين" من أمثال الباحثين الاميركيين ستيفان والت وجون شتاينهامر، ومستشار الامن القومي السابق زيبغنيو بريزنسكي، الذين يرون أن اسرائيل تشكل عبئاً استراتيجياً مضراً، أو أن الصراع العربي الاسرائيلي ليس مهماً بالنسبة له، بالرغم من حديثه عن أهمية ايجاد حل لهذا الصراع. الواضح فقط هو أن اوباما غير محبوب في اسرائيل. وليس مؤيداً لنتنياهو وسياسته. ان زيارة بايدن تهدف الى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين الادارة الاميركية ونتنياهو، كما أنها تحمل رسالة مزدوجة. أولاً الاعتراف بالأهمية السياسية لاسرائيل ومؤيديها في أميركا على ضوء قرب الانتخابات في الكونغرس المقررة في نوفمبر القادم، والتي يُتوقع سقوط الديمقراطيين فيها. والثاني هو أن الاهتمام الذي لم يفلح نتنياهو في الحصول عليه بحديثه عن "دولتين للشعبين" وتجميد البناء في المستوطنات، تحقق الآن، تحت التهديد بشن حرب وقائية ضد ايران. ان اسرائيل تشعر بقلق كبير من دولة متطرفة كايران. ولتهدئتها، وضمان أن لا تُشعل الشرق الاوسط، ليس أمام اوباما الا خيار واحد، وهو اعتماد اساليب التعامل السابقة وهي التأييد المطلق والوعود الصادقة. * هآرتس