نتعايش هذه الأيام فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب في عامه الجديد بحضورٍ كثيف لدور النشر العربية التي باتت تولي الكتاب السعودي أهمية بالغة في التسويق ، نظرًا للإقبال الكبير على شراء الكتب وترويجها، وتداول محتواها من خلال المواقع الالكترونية التفاعلية التي بدأت تفاعلها مع المعرض منذ وقتٍ مبكر، عن طريق استعراض أهم دور النشر وما تشتمل عليه كل منها من إصدارات إبداعية مؤثرة فيما سبق أو منتظرة فيما سيأتي، وبوقفةٍ سريعة على هذه المواقع نلحظ كما هائلا من الإصدارات الحديثة التي يتزامن حضورها الأول مع بدء فعاليات المعرض، مما يعني أن المعرض تجاوز عملية التوافر والتسويق إلى ما يمكن أن نصفه بالموسمية، لعدد وافرٍ من المبدعين الذين وجدوا دائما في أيام المعرض فرصة سانحة لحضور إصداراتهم بصورةٍ بكورية من أجل تحقيق عمليتي الإعلان والتوافر، واجتماع هذين العنصرين الرئيسين أمر غاية في الأهمية لدى المبدع والناقد والمتلقّي، وهو ما افتقده الكتاب المحلي دائما بسبب إشكالات متعددة ليس أولها سوء التوزيع وترسيخ قاعدة (البضاعة الكاسدة للكتاب) وليس آخرها سقف الحرية القريب دائما لدى رقابة المطبوعات في الوزارة فيما يتعلّق باللغة الإبداعية (المعلّبة) التي تحاكم الإصدارات الحديثة بموجبها، مقارنةً بسقف الحرية المتاح لإصدارات المعرض من جهة أخرى، وهي بالمناسبة خطوةٌ واعية ومؤثرة جدا خطتها وكالة الوزارة منذ تأسيسها حين منحت الأندية الأدبية حريّتها الخاصة في (الفسح والمنع) ومنحت معرض الكتاب مساحة أوسع وأرحب بكثير من المساحة المتاحة للكتاب المحلي في المكتبة السعودية، ناهيك عن حفلات التوقيع للمؤلفين التي تتزامن مع أيام المعرض والتي أعدّ لها مكانًا خاصا بها في وسط ساحة المعرض، وهي وإن كانت ذات طابع كرنفالي إلا أنها تحيل العملية الإبداعية بركنيها الأساسيين (المبدع والمتلقّي) إلى حالة متطوّرة من التواصل النفسي، فالمبدع يقرأ أثر حروفه في عيون المتلقين، والمتلقّي يؤطّر تصوراته القرائية لهذا المبدع أو ذاك... والحقيقة أن معرض الرياض الدولي للكتاب تحوّل بفعل نجاحاته المتراتبة إلى موسمٍ ثقافي حافل يلتقي به المثقفون على اختلاف أجناسهم الإبداعية واهتماماتهم القرائية، من مناطق المملكة كافة، وتضرب له الإصدارات والحضور، ويجتمع فيه المبدعون على حفلةٍ سواء..!