يدرس مجلس الشورى حاليا مشروع إقرار إعانة شهرية للعاطلين عن العمل وفق ضوابط ومدد زمنية محددة .. وكما يعرف الجميع فان إعانة العاطلين عن العمل أمر معمول به في كثير من دول العالم ولطالما طالب به العاطلون هنا وتبنى مطالبتهم الكثير من الكتاب .. ورغم ما يحمله هذا القرار في حال تطبيقه من جوانب رحمة فانه أيضا - من وجهة نظري- يحمل نذيرا، ويفتح أبوابا لا يحسن فتحها، ويكرس واقعا ينبغي رفضه ... وبداية ، يقتضي تطبيق هذا القرار إحصائية دقيقة (لا نملكها) عن عدد العاطلين عن العمل من اجل تخصيص ميزانية خاصة لهم (قدرها أهل الاختصاص بنصف في المائة من الناتج المحلي ) ويقتضي كذلك وضع آلية تنفيذ تتطلب إثباتات وأوراقا وتزكيات من جهات كثيرة حتى لا يقبض الإعانة غير المستحق .. هذا عن الجانب الإجرائي للقرار ، أما عن تأثير تطبيقه على المجتمع فعليا فإنني أتوقع أن يزيد عدد العاطلين عن العمل ، فالنفس تنزع بطبيعتها إلى الراحة فإذا كانت راحة مدفوعة التكاليف فلماذا أعمل ؟! كما أتوقع أن يقل عدد المتحمسين لاحتواء الشباب من الميسورين ورجال الأعمال باعتبار أن أسباب الحماس انتفت بانتفاء حاجتهم حتى وإن ظلوا عاطلين .. وأتوقع أن يظهر كثير من التجاوزات القانونية للتحايل على تزوير أوراق تثبت البطالة وتحولها من "همّ" يسعى العاطل للتخلص منه إلى "ميزة" يحاول اكتسابها حتى يدخل فئة المستحقين ..! وغير ذلك من أمور جالت بخاطري وأنا اقرأ هذا الخبر وتساءلت أليس في ديننا ما يحل مشكلة البطالة من عدة أوجه ؟ ما أعرفه عن بيت مال المسلمين قديما انه كان يصرف إعانات للعاطلين قهرا بسبب مرض أو كبر أو إعاقة .. أما انه كان يصرف للعاطلين اختيارا من القادرين على العمل فلا اعتقد ذلك أبدا وأستند إلى قصة الشاب الفقير الذي وجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم للعمل بقوله " اذهب فاحتطب " وهي قصة جميلة انصح كل عاطل بالرجوع إليها .. ثم أليس في التكافل الاجتماعي ومصارف الزكاة وأوجه الصدقات والأعمال التطوعية ما يكفي لإعانة العاطلين دون تكريس بطالتهم وتحويلها إلى واقع رسمي ببنود وتبعات؟ وليس بمستبعد بعد ذلك أن تبدأ صحفنا في نشر شكاوى شباب تأخر صرف إعانات البطالة لهم ! الحقيقة أنني كنت ولا زلت موقنة بأن مسؤولية العاطل تقع عليه شخصيا بنسبة كبيرة دون إغفال مسؤوليات جهات أخرى عن بطالته ، وأعتبر نفسي شاهدة عيان على شباب من الجنسين يرفعون الرأس لم تثنهم عقبات الصد والرفض وندرة الوظائف عن شق طريقهم بأفكارهم وعقولهم وإرادة الشباب ودماء الكرامة في عروقهم .. هؤلاء اعتبرهم حجة على العاطلين .. لذا فإنني لست مع إقرار صرف إعانات للعاطلين وبدلا من ذلك لماذا لا تنفق هذه المخصصات على مشاريع جماعية تخلق فرص عمل وتساهم في الناتج المحلي تعلي من قيمة وكرامة الإنسان ..؟