تحولت باحات المسجد الاقصى المبارك والبلدة القديمة والعديد من أحياء القدس أمس ساحات مواجهة بين جموع المواطنين المدافعين عن المسجد وقوات الاحتلال التي زجت بالمئات من عناصرها لتأمين اقتحامه من قبل مئات اليهود المتطرفين المحتفلين بما يسمى "عيد المساخر- بوريم". واعتكف عشرات المصلين الفلسطينيين منذ الليلة قبل الماضية داخل المسجد الاقصى، في ضوء معلومات مسبقة عن نية جماعات يهودية اقتحامه، فقام نحو 300 من عناصر شرطة الاحتلال ومن يسمون حرس الحدود باقتحام المسجد الاقصى وحاصروا المبنى القبلي المسقوف، واغلقوا ابوابه وامطروا المصلين بقنابل الصوت والغاز، وقد تصدى المصلون بكل ما وقع في ايديهم لعناصر الاحتلال داخل باحات الاقصى. واثر ذلك تعالت نداءات الاستغاثة من مآذن المسجد الاقصى والمساجد القريبة، داعية ابناء القدس من اجل نجدة المحاصرين والدفاع عن المسجد في وجه قوات الاحتلال والمستوطنين الذين اقتحموه تحت مسمى "سياح". واندلعت مواجهات عنيفة على مقربة من بوابات المسجد الاقصى وداخل البلدة القديمة بين ابناء القدس ومن معهم من المرابطين القادمين من اراضي 48، وقوات الاحتلال التي فرضت حصارا مشددا على المسجد ونشرت المئات من عناصرها في البلدة القديمة ومختلف احياء المدينة المقدسة، حيث اعتدت هذه القوات على المواطنين بالضرب والرصاص وقنابل الصوت والغاز. ووفقا لاخر حصيلة وصلت "الرياض" من مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية فقد بلغ عدد المصابين 20 جريحا، ستة منهم على الأقل بالرصاص المعدني، و12 مصابا بالغاز المسيل للدموع، إضافة إلى إصابة المواطنة فاطمة البرسي بكسر في الساق نتيجة اغلاق قوات الاحتلال باب المجلس عليها لدى محاولتها الدخول. وعرف من بين المصابين ايضا الناطق باسم الحركة الاسلامية في الداخل المحامي زاهي نجيدات. وحسب المصدر فقد زاد المعتقلين عن 11 بينهم خمسة شبان اعتقلوا في شارع الواد وطالبة في الخامسة عشرة من عمرها في باب الساهرة، إضافة الى خمسة فتية من حي راس العمود. وتركزت المواجهات قرب باب المجلس، حيث لم تسمح قوات الاحتلال لجموع المواطنين بالدخول، وكذلك قرب باب حطة وشارع الواد وباب الاسباط. وقد امتدت الى خارج البلدة القديمة لا سيما في منطقة راس العمود، وتواصلت حتى ساعات ما بعد الظهر. كما اعتدت قوات الاحتلال بوحشية على مسيرة خرجت فيها طالبات المدارس في شارع السلطان سليمان، ومنعتها من مواصلة سيرها. واحتلت قوات الاحتلال اسطح العديد من منازل البلدة القديمة المطلة على المسجد، بعد اقتحامها وتفتيشها. وكانت جماعات يهودية متطرفة دعت أنصارها للتجمع أمس في باحة البراق للانطلاق بمسيرات استفزازية تطوف شوارع البلدة القديمة وخاصة محيط بوابات المسجد الأقصى المبارك. وقد فرضت قوات الاحتلال اجراءات مشددة ونشرت تعزيزات مكثفة من اجل توفير الحماية لهذه العصابات، ما تسبب في تعطيل الدراسة في مدارس البلدة القديمة، فيما لم يسمح للتجار بفتح محالهم. وفي وقت لاحق من بعد ظهر أمس انسحبت قوات الاحتلال من داخل باحات المسجد الأقصى، الى منطقة باب المغاربة، حيث شوهدت تعزيزات مكثفة لهذه القوات، فيما أعيد فتح ثلاثة من بوابات المسجد وهي: باب المجلس، وباب السلسلة، وباب حطة، ولم يسمح لمن هم دون سن الخمسين من الرجال بالدخول لأداء صلاة الظهر اليوم الاحد. من جانبها، اعترفت قوات الاحتلال باصابة اربعة من عناصرها بالحجارة خلال تصدي المواطنين الفلسطينيين لهم ولعصابات المستوطنين الذين اقتحموا المسجد. كما اعلنت اعتقال سبعة فلسطينيين خلال هذه المواجهات. واشارت الى ان نحو الف زائر وسائح قاموا بدخول المسجد الاقصى، علما ان وصف سائح او زائر هو الغطاء الذي يدخل من خلاله هؤلاء اليهود المتطرفون الى باحات الاقصى. واستنكر الشيخ محمد حسين المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك، اقدام سلطات الاحتلال على اقتحام باحات المسجد الأقصى وتطويقه، معتبرا ان هذا الاعتداء استمرار لنهج سلطات الاحتلال بتهويد المقدسات الإسلامية والتي كان آخرها ضم كل من المسجد الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح إلى قائمة التراث اليهودي. شبان مقدسيون يشتبكون مع قوات الاحتلال في محيط الحرم. (أ.ف.ب)