نكرر أنفسنا ، ونعيد حقيقة حسمتها التعاليم الربانية منذ أن شع نور الهدى والحق في بطحاء مكة ومغاورها ، إذا ماقلنا إن الدين الاسلامي هو دين الوسطية والاعتدال والحوار الهادىء المتزن والعاقل ، وإن التوجيه الرباني لنبي الله جاء بمنطلق المحبة ، والتسامح " أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ، وجادلهم بالتي هي أحسن " وفي توجيه إلهي آخر " ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " . هذه هي حقائق واقع الدين الاسلامي ، وهذا ماتعلّمه المجتمع كسلوك وممارسة وفهم سارت عليه حياته التصالحية ، والتسامحية ، وأنماط وعيه ، وتعاطيه الإنساني في علائقه ، وحواراته ، وخياراته . فلا إفراط ولاتفريط ، ولاغلو وتطرف وقسوة وشدة ، ولا إهمال وغفلة . ومن خلال هذا النمط المعتدل في الوعي الفردى والجمعي ، استطاع المجتمع السعودي أن يسير متوازناً ، ثابت الخطو ، واثق الغايات والأهداف ، محافظا على ثوابته العقدية ، ومحققا لإنجازات حضارية وتنموية ، ومدركاً للتحولات ، والمتغيرات ، والمستجدات في عالم كوني واسع تحول الى حيّ في قرية صغيرة يؤثر ويتأثر ، ونحن جزء من هذا العالم المعولم . حقيقة أخرى ، هي من بدهيات السلوك الاجتماعي ، وثقافته ، ونتاج تربيته ، ومخزون أخلاقياته ، إذ إن هذا المجتمع بكل شرائحه، وأطيافه ، وتنوع ثقافاته ومفاهيمه ، هو حالة خاصة في علاقته بعلماء الدين ، وفقهاء الشريعة ، فهو يحمل لهم كل التقدير ، والاحترام، ويضعهم في منزلة عالية في تعاملاته ، وصلاته معهم ، ويحفظ لهم قيمتهم وقدرهم ومكانتهم العلمية ، والمعنوية . وهذا ليس فيه مفاصلة أو مجادلة أو حتى تردد . إذن . مادمنا بهذا التفكير والممارسة في التعامل مع الفقهاء ، وعلماء الدين فإن من حقنا عليهم أن يقبلوا منا كل رفض لممارسات بعضهم في التوجيه ، والفتوى ، ونطلب من هذا البعض أن يتعقل ويعقل ، ويتقي الله في هذا المجتمع المحاصر بفتاوى التحريم، والتجريم ، والشدة والقسوة في التوجيه . واستخدام مفردات قاموس رديء ، لايجب أن يستخدمها حتى الهامش الاجتماعي . الشيخ " ؟ " عبدالرحمن البراك أطلق قبل أيام فتوى خطيرة جدا على وحدة وتماسك المجتمع ، وأجاز قتل من يبيح الاختلاط. " هكذا ، قتل " في ميادين العمل والتعليم ، ووصف من يقوم بهذا ب " المرتد والكافر الواجب قتله ". الشيخ البراك بهذه الفتوى أباح دماء شرائح كثيرة في المجتمع ، وإن غابت عليه مفاهيم وبيئات الاختلاط ، وجهل جهلا فاضحا المقصود منه ، وأين . وهذا يفضح قصر النظرة عند الشيخ ، وعدم رغبته في الاطلاع ، بل يفهم ويقرأ بالواسطة . ثم يحكم عاطفته. أيها الشيخ . إنها دعوة خطرة ، فارحم المجتمع من ويلاتها .