في شهر نوفمبر من عام 2009 وفي دراسة أجراها الدكتور فريدريك فوم سال من جامعة ميسوري والمتخصص في الغدد الصماء على الأغلفة المبطِنة لعلب الطماطم وعصير الطماطم ومعجون الطماطم (العلب المعدنية أو الورقية المبطنة برقائق معدنية) وجد أن تلك الأغلفة تكسى بمادة راتينجيّة هي مادة بيسفينول-أ bisphenol-A. والتي اختصارها BPA .وهذه المادة هي إيستروجين مصنّع ارتبط وجوده باعتلالات صحيّة في الغدد تنعكس كاضطرابات في الجهاز التناسلي وسرطان في الثدي او البروستاتا واختلال في القلب وإصابة بالسكري وزيادة في الوزن. وعلى الرغم من أن سميّة هذه المادة معروفة منذ عام 1936-1938 إلا أن استخدامها في التصنيع الغذائي انتشر منذ عام 1950. ولكن درجة سميتها وتأثيرها على الجسم لم يكتشفا إلا عام 1993. ومنذ ذلك الحين والدراسات تتوالى عن خطر استخدامها، خاصة عن ضرر كونها تعمل كشبيهة لهرمون الإستروجين في الجسم. فهذه المادة تستخدم في طلاء بطانة علب الطماطم المعدنية وغيرها من العلب المعدنية كعلب حليب الأطفال وعلب الشوربة الجاهزة وعلب الخضراوات والفواكه المعلبة الخ. وخطر استخدامها يتضاعف في علب الطماطم لأن الطماطم بطبيعته حامضي مما يسرع من انطلاق مادة البيسفينول-أ من الراتينج واختلاطها مع الطعام (صلصة الطماطم او معجون الطماطم). ومن المهم القول ان الحكومة الأمريكية قد حددت الكمية "الآمنة" من هذه المادة في الطعام بِ 50 مايكروغرام لكل كيلوغرام من وزن الجسم. ولكن ما يجب أن يعرفه المستهلكون هو ان تناول حصتين فقط من طعام محفوظ مبطن وعاؤه بهذه المادة يمكن ان يؤدي إلى تجاوز هذه الكمية! ويمكن تصوّر أبعاد المشكلة مع انتشار استخدام المعلبات وتنوّع وكثرة الأطعمة المحفوظة في حاويات معدنيّة. وخلال العقود الثلاثة الأخيرة تزايد عدد الدراسات التي تؤكد على سميّة حتى الكميّة البسيطة من هذه المادة. وقد شرح أحد العلماء البارزين في دراسة أجريت عام 2006 حقيقة سميتها في أن هذه المادة يمكن أن تغيّر من سلوك 200 مورّثة من مورثات (جينات) جسم الإنسان (وهذه تشكّل أكثر من 1 % من عدد المورثات). وهذه المورثات تتحكم في نمو وإصلاح كل عضو من أعضاء الجسم تقريباً. وقد ذكرت دراسة أجريت عام 2007 أن مدى التأثير السمّي لهذه المادة يرتبط بشكل قوي بتنامي المشاكل الصحية في العقود الأخيرة مثل سرطان الثدي والبروستاتا والسكري والبدانة والعقم الخ. وبيسفينول-أ ليست هي المادة الكيميائية الوحيدة التي تستخدم في حاويات الأطعمة المعلّبة، فمنظمة الأغذية والأدوية الأمريكية تذكر أكثر من ألف، نعم ألف، مادة كيميائية تستخدم في التغليف والتصنيع الغذائي. والمشكلة ان هذه المواد لا تُذكر ضمن قائمة مكونات الأطعمة التي في الحاويات. وبذلك لا يدرك المستهلك كمية ما يدخل جسمه منها، خاصة إذا كان يُكثر من استخدام المعلبات في غذائه. وهذا يعني ان الشق قد اتسع على الراقع. فما الحل؟؟ ندرج هنا اقتراحات بسيطة للحد من التعرض لهذه المادة ولغيرها من المواد الكيميائية الخطرة: - الابتعاد، قدر الإمكان عن الأطعمة المصنعة والمعلبة وتناول الأطعمة التي يتم تحضيرها في المنزل لضمان عدم التعرض لهذه المادة أو للمئات غيرها من المواد الكيميائية الضارة. - استبدال معلبات الطماطم (صلصة ومعجون وعصير) بمثيلاتها مما يحضر في المنزل ويحفظ في الثلاجة في حاويات زجاجية. واستبدال البقول المعلبة مثل الفول والحمص والفاصوليا (البيضاء والحمراء) وغيرها ببقول جافّة تنقع بالماء لليلة أو أكثر مع تغيير ماء النقع عدّة مرات ثم سلقها واستخدامها. - إن كانت ربة المنزل لا تستغني عن استخدام معجون وصلصة الطماطم الجاهز يمكن استبدال تلك المحفوظة بحاويات معدنية وورقية مبطنة بمعدن بتلك المحفوظة بحاويات زجاجية. - من مسؤولية الأمهات اللاتي يطعمن أطفالهن بحليب الأطفال المحفوظ بعلب معدنية (بودرة أو سائل) أن يبحثن بجديّة عن بدائل لها مثل الرضاعة الطبيعية أو الأم المرضعة البديلة او الفطام المبكر عن الحليب المعلب واستبداله بأطعمة طازجة تحضر بالمنزل.