تمثل مشاركة المملكة العربية السعودية، في معرض القاهرة الدولي للكتاب، أحد أعراس الثقافة السعودية التي تتخذ فيها أجمل زينتها: فكريا، وعلميا، وأدبيا، لتباهي بها بين نيف وثلاثين دولة عربية وأجنبية في ثاني أكبر معرض عالمي للكتاب. ومواكبة لمكانة المملكة، فقد جاء جناحها المشارك في هذا المعرض كأكبر جناح عربي ودوليا من حيث المساحة (4200) –أربعة آلاف ومائتي متر مربع- ومن حيث الجهات المشاركة (66) –ست وستين جهة حكومية وخاصة- ومن حيث البرنامج الثقافي المصاحب: ندوات، ومحاضرات، وأمسيات شعرية، ومعارض فنية. ولهذا التميز في الجناح السعودي، كان لقاؤنا مع المنظم له: الأستاذ محمد بن عبد العزيز العقيل- الملحق الثقافي السعودي بالقاهرة- على هامش المشاركة السعودية، وكان سؤالنا الأول: *حدثنا بإيجاز عن المشاركة السعودية في معرض القاهرة الدولي للكتاب: أبعادها، وإنجازاتها؟ - تنطلق المشاركة السعودية في المعرض من بعدين أساسين: الأول هو ترسيخ الحضور الثقافي السعودي بجمهورية مصر العربية، وتوسيع دوائر انتشاره، بدءًا من المعرض الذي يرتاده كل مثقفي مصر، من أقصاها شرقا وغربا، إلى أقصاها شمالا وجنوبا، إضافة إلى زائريه من عرب، وأجانب، من كل أنحاء العالم. ونحن إذ نسعى إلى ترسيخ هذا الحضور الثقافي، إنما نسعى بثقة أكيدة بالثقافة السعودية التي مزجت بإحكام بين الأصالة والمعاصرة، وهي المعادلة الصعبة التي استعصت على الحل في عالمنا العربي، طيلة أكثر من نصف قرن. والبعد الثاني: هو تفعيل التظاهرات الثقافية المصرية، في إطار التعاون الثقافي السعودي - المصري، المتضمن بالاتفاقات العلمية بين البلدين الشقيقين. تماما كما يحدث في المشاركات المصرية لنا في تظاهراتنا الثقافية السعودية، ومنها معرض الرياض الدولي للكتاب. أما عن إنجازات المشاركة السعودية بمعرض القاهرة، فيمكنني رصد آثارها التي تحققت على مدار الدورات الثماني الماضية، منذ أن اندرجت الجهات الحكومية والخاصة تحت جناح واحد –بالمعرض- يحمل اسم المملكة العربية السعودية، حيث تبلورت فيه هوية الثقافة السعودية، وتحددت معالم شخصيتها لكل مَنْ ينشدها، وظهر في الجناح الكتاب السعودي –بكل تنويعاته الفكرية، والعلمية، والأدبية- كأبلغ سفير في العالم عن الثقافة السعودية. وكذلك تجلت حقائق تاريخية كادت الذاكرة العربية تناسها، عن منابع الأدب العربي بالجزيرة العربية، واحتضان تلك الجزيرة لتراث العرب، ولبلاغتهم، ولبيانهم، ولفصاحتهم.. وعلى الجملة: لفكرهم، مع تقديم نماذج لطموح السعوديين إلى مواكبة إنجازات العصر الحديث بعلومه وتكنولوجيته. وكل هذا أسهم بفاعلية في التأكيد على أن ثروة الأمم الحقيقية – ومنها المملكة – ليس فيما تخرجه الأرض من معادن ونفط، وإنما ثروتها: عقول وفكر، ومواهب وإبداع، وسواعد فتية تبني وتضيف إلى ما فوق الأرض بما يعلو حتما إلى السماء! * وما جهود الملحقية الثقافية في خدمة الأدب والثقافة السعودية؟ - تحاول الملحقية تحقيق مضمون تسميتها ب(الملحقية الثقافية)، حيث تحرص على ركائز هامة، منها: إقامة مكتبة علمية وأدبية وثقافية، قوامها نتاج العلماء والأدباء والمفكرين السعوديين، إضافة إلى مؤلفات إخوانهم المصريين. وإنشاء شبكة للإهداء والتبادل بين البلدين، مادتها هي المؤلفات السعودية والمصرية. وعمل أدلة للمؤلفين والأدباء السعوديين والمصريين. والتأكيد على الحضور الثقافي السعودي بأرض الكنانة من خلال المشاركة فيما تقيمه الجامعات المصرية من مهرجانات ثقافية، من شمال مصر إلى جنوبها. وإصدار مجلة شهيرة للملحقية هي (الرسالة الثقافية) التي تُعدّ نافذة لأضواء الثقافة السعودية تشرق على مصر مع كل فصل جغرافي. هذا إلى جانب دعم العلماء والأدباء والأساتذة الجامعيين السعوديين الذين يقدمون إلى مصر للمشاركة في المؤتمرات العلمية، والندوات الفكرية، وورش العمل التي تُقام في مصر. * ما المعوقات أمام الطلاب السعوديين الدارسين بالجامعات المصرية؟ - بحمد الله تعالى، لا تنتظر الملحقية ظهور معوقات أمام أبنائها الدارسين في مصر، بل تبادر قبل بدء كل عام دراسي، بعقد الاجتماعات مع رؤساء الجامعات المصرية للنظر في استعدادات الدراسة، ووضع خطط التعامل والنظام الأمثل في المتابعة الدراسية للطلاب، وشقّ القنوات اللازمة للتواصل بين الملحقية وهذه الجامعات. وعلى الدوام، تأتي متابعة الملحقية لمسيرة أبنائها الدراسية، سواء عبر اللقاء الشهري الذي تعقده الملحقية – بكل مسئوليها – معهم، في نادي الطلبة، أم بالزيارات الميدانية التي تقوم بها إلى جامعاتهم، واللقاءات الحية المباشرة مع رؤساء الجامعات، وعمداء الكليات، وهيئات التدريس، لمناقشتهم في كل ما يعنّ للطلاب مع مواضيع، لتلافي أية عقبة قد تعترضهم، وحلها أولا بأول.هذا مع وجود مكتب محاماة بالملحقية لمؤازرة الطلاب في أية مشكلة قد تعرض لهم. على هذا النحو، يمكن القول بيقين، بأن الملحقية هي بيت الطلاب الأول في مصر، ويشرفني ممارسة دور الأب لهم، خارج الوطن. * هل ثمة خطط ومشاريع وبرامج.. مستقبلية؟ - دائما تفكر الملحقية في الجديد من الخطط والبرامج والمشاريع، استثمارا للنجاحات التي تحققت والله الحمد، واستشرافا للمزيد منها في الآتي من الأيام إن شاء الله تعالى. وفي مقدمة هذا جمعيه: استكمال مشروع المعلم الثقافي السعودي بمدينة 6 أكتوبر، الذي يضم ناديا كبيرا للطلبة السعوديين بالقاهرة يخدم كافة الأنشطة الثقافية، والاجتماعية، والرياضية.. كما يضم مكاتب للملحقية الثقافية.. وقد انتهينا من مرحلة التصميمات الهندسية لهذا المعلم الكبير، تمهيدا للتنفيذ العملي بمشيئة الله تعالى مع الأيام القادمة. وأخيرا: *ما استعدادات الملحقية للفعاليات الأخرى؟ - جريا على عادة الملحقية، عقب كل دورة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، نجري تقويما لمشاركة الدورة الحالية، للوقوف على إيجابياتها لنستثمرها، والتعرف على سلبياتها لنتلافاها مستقبليا.. كما تتضمن مفردات مشاركاتنا الثقافية في بقية فعاليات الجامعات المصرية، ومنها: مشاركة أبنائنا في المهرجان الثقافي (أيام الشعوب) بجامعة عين شمس. وفي الأيام الثقافية لكل من: (جامعة القاهرة- جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب – جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا – الجامعة الأمريكيةبالقاهرة – الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري .... ). ثم الحفل الختامي لأنشطة الملحقية الثقافية ونادي الطلبة السعوديين بالقاهرة والإسكندرية.. والله هو الموفق والمعين.