لو أراد باحث أن يكتب بحثا أو تحقيقا صحفيا أو مشروع تخرّج عن ممارسة " التفحيط " فسيضطر إلى استعمال هذه الكلمة الشوارعية الدارجة . ويرددها رغما عن أنفه .. وعن قلمه.. ! والسبب واضح ، وهو أنه لا يوجد في الفصحى مرادف . واللغويون وأهل المفردات من أجدادنا لم تكن لديهم سيارات كي " يُفحّطوا " بواسطتها، من هنا جاءت معاجم الجذور والمفردات مثل :القاموس المحيط ، العباب الزاخر، لسان العرب ، مقاييس اللغة ،الصحاح في اللغة خالية من أية دلالة على الكلمة . وعندي أن الكلمة / الممارسة ترتبط بعوامل بيئية واجتماعية لا تتوفّر في كل البلدان ؛ فهي ترتبط بالفراغ ..! ، إن قلنا قلة العمل أو قلنا الفراغ الذهني ، أي أن الذهن خال من فكرة عبقرية خلاقة ذات مردود نفعي ، وهذا يقلّ فى الدول الصناعية في أوربا وأمريكا واليابان . ويقل أيضا في بلدان يبحث أهلها عن ما يُشبع حاجاتهم الغذائية والتعليمية والصحية مثل الهند واندونيسيا . إذ إن تلك الشعوب لم تُكلّف نفسها في إيجاد مفردة لتلك الممارسة لأنها - ببساطة - غير موجودة . رجعتُ إلى قاموس أكسفورد . ولم أجد شرحا للمفردة . حتى القاموس المصوّر. إذاً دعونا نقل إن الكلمة/ الممارسة هي نبات صحراوي جديد على العالم لا يتغذى إلا على سيل من الدراهم والوفرة وقلة الصنعة . صعُب على السلطات مراقبة أو متابعة النبتة وتنامي انتشارها أو إيجاد مُبيد كيميائي لمكافحتها . كذلك سيجد أهل الشورى والتشريع صعوبة في إيجاد الكلمة الواصفة الدقيقة (غير كلمة التفحيط) . فيما لو بدا لهم أو كُلّفوا بإيجاد ردع يثني عن الممارسة أو يحول دون انتشارها (خصوصا بعد الامتحانات) . وقد يرون استشارة مجمع اللغة العربية في القاهرة عن أصدق كلمة فصحى لتلك الممارسة الدخيلة . لكن أهل النظر لدينا سيجدون أن مجمع اللغة العربية في القاهرة لن يفيدهم بشيء ، لأن شوارع القاهرة ضيقة .. ! ، ولم يسمعوا أو يُشاهدوا الممارسة من قبل ، وسيعتذر مجمع اللغة العربية عن إيجاد مفردة فُصحى تفي بالغرض ..!! . يمكن أهل موريتانيا أو أراضي قبائل الطوارق ، فهم أهل أراض واسعة ، لكن السيارات نادرة . واضح لكل ذي عينين وعقل أن الممارسة دخلت حيّز التجارة . فثمة أشرطة مرئية وصوتية تُباع وتُهدى . أحدها رأيت إعلانه في اليوتيوب يقول : تفحيط سيارات 2010 . شاهدنا راكبي الأمواج ، ومتسلّقي الجبال ، ومغامري قاطعي الخلجان والممرات المائية سباحة . وسباقات رالي السيارات ، لكن فننا الجديد لن يعترف به أحد .