يصادف يوم الثالث من شهر مارس من كل عام يوم المياه العربي، حيث اعتمد المجلس الوزاري العربي للمياه في دورته الأولى المنعقدة بالجزائر يومي 29، 30/6/2009م ذلك ويحتفى به في كل عام بالتوعية بأهمية المياه وأهمية المحافظة عليها وترشيد استخدامها، كما يصادف يوم 22 مارس من كل عام يوم المياه العالمي، حيث اتخذ مؤتمر الأممالمتحدة للبيئة والتنمية أو ما عرف بقمة الأرض الذي عقد في البرازيل في شهر يونيو عام 1992م والذي يعتبر من أهم المؤتمرات الدولية على الإطلاق لأن من أهم وأبرز ما اتخذ ونتج عنه إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابعة والأربعين من شهر نوفمبر من نفس العام اعتبار يوم 22 مارس من كل عام يوم مياه عالمي تدعى دول العالم إلى الاحتفاء به من خلال تكثيف الأنشطة التي تهدف إلى زيادة الاهتمام بمصادر المياه وإدارتها والمحافظة عليها وترشيد استخدامها بتوعية كافة مستخدمي المياه وعقد اللقاء والندوات والمعارض الخاصة بالمياه. يتم الاحتفاء بيوم المياه العالمي برفع شعار كل عام تتبناه منظمة مختلفة من منظمات الأممالمتحدة ومن الشعارات التي رفعت في أعوام سابقة الماء للجميع والماء والنماء والماء للمدن العطشى والماء هل هناك ما يكفي والمياه الجوفية ذلك المصدر غير المرئي وقد رفعت هذه الشعارات اعتباراً من العام 1994م على التوالي كما رفعت شعارات أخرى مثل المياه والصحة والمياه والكوارث كما خصص العقد من 2005م إلى 2015م لموضوع المياه من أجل الحياة. يهدف يوم المياه العالمي لهذا العام لإبراز أهمية نوعية وكمية المياه في إدارة المياه من خلال نشر الوعي بشأن استدامة المياه الصحية والصالحة لرفاهية الإنسان والتصدي للتحديات المتزايدة في مجال إدارة المياه لتحقيق النوعية الجيدة من المياه وحث الحكومات والمجتمعات في جميع أنحاء العالم بالقيام بما يكفل سلامة المياه والحد من منع تلوثها فالماء هو سر الحياة، بل المياه هي الحياة وكلما ندرت المياه أو شحت ازداد التفكير فيها وفي وسائل الحصول عليها وترشيد استخدامها، فالمياه أرخص موجود وأغلى مفقود. تتمثل مشكلة المياه في العالم إما في ندرتها بما يلبي احتياجات النمو السكاني المطرد سنوياً، أو بتلوث هذه المياه في حالة توفرها بالملوثات المختلفة من صناعية أو مواد بترولية وكيماوية وفضلات بشرية ومبيدات حشرية كما أن قلة الوعي لدى كثير من مستخدمي المياه من خلال عدم الاهتمام بالمحافظة على المياه من التلوث والاستنزاف الجائر لهذه المياه يعتبران من أهم مشاكل المياه. لا شك أن المنطقة العربية بصفة عامة وشبه الجزيرة العربية بصفة خاصة تعتبر من أفقر مناطق العالم مائياً فإذا أشرنا إلى بعض الدول العربية المحدودة التي تجري فيها أنهار لا بد من الإشارة إلى أن الرقعة السكانية في هذه الدول تتركز في المنطقة أو بالقرب من المنطقة التي تجري فيها هذه الأنهار بينما بقية المساحة صحراء قاحلة يضاف لذلك أن منابع هذه الأنهار تتحكم فيها دول أخرى وهي ما يطلق عليها بدول المنبع والبعض من دول المنبع تقيم السدود للتحكم في المياه مما قد يولد مشاكل مستقبلية بين الدول بسبب المياه. تعتبر السعودية من أكثر دول العالم شحاً في المياه، حيث تعاني المملكة من ندرة المياه لمحدودية المصادر والنمو السكاني المتزايد الذي يولد ضغطاً على المياه لجميع الأغراض. تنقسم مصادر المياه بالسعودية الى مصادر مياه تقليدية ومصادر مياه غير تقليدية تتمثل مصادر المياه التقليدية في المياه السطحية والمياه الجوفية والتي تشمل مياه الأودية موسمية الجريان والبحيرات خلف السدود ومياه الآبار والينابيع والكهوف والدحول. بينما تتمثل مصادر المياه غير التقليدية في المملكة العربية السعودية بتحلية مياه البحر المالحة ومعالجة مياه الصرف الزراعي والصحي وإعادة استخدامهما. تلبي تحلية مياه البحر التي تم تبنيها كخيار استراتيجي لمعاضدة مياه الشرب نصف الاحتياجات من مياه الشرب في المملكة العربية السعودية، حيث تنتج المملكة حوالي 20٪ من إنتاج العالم من مياه البحر المحلاة وما نسبته 42٪ من إجمالي إنتاج دول مجلس التعاون الخليجي على الرغم من تكلفة مياه البحر المحلاة وبُعد المدن المستهدفة عن الساحل. وما يستخدم من مياه صرف صحي وزراعي معالج في الوقت الحاضر لا يمثل النسبة المأمولة مقارنة بإجمالي ما تستهلكه المملكة من المياه سنوياً لجميع الأغراض وستساهم مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثياً إن شاء الله مستقبلاً في ري المسطحات الخضراء حول المدن وفي التبريد في أعمال الصناعات المختلفة كتبريد محطات الكهرباء وغيرها حيث تقدر مياه الصرف الصحي المعالجة بنسبة 70٪ من كمية المياه التي تستخدم في المنازل وهي مقارنة بكمية إجمالي استهلاك المياه تظل محدودة ولكنها ستساهم في حل جزء من مشكلة المياه وستعتبر رافداً مهماً مسانداً للتخفيف من استخدام المياه الجوفية غير المتجددة ومع النمو السكاني المتزايد والحاجة المتزايدة للماء والغذاء وجميع الأغراض ستزداد مشكلة المياه التي تعاني منها المملكة فخلال سنوات الطفرة التي شهدتها المملكة في الثمانينات الميلادية حصل هبوط كبير في مستويات المياه في طبقات المياه الرئيسية والثانوية ومنها على سبيل المثال طبقة المنجور التي تغذي العاصمة الرياض بجزء من احتياجاتها من المياه حيث هبطت مستويات المياه في بعض الآبار أكثر من 150 مترا خلال الثلاثين سنة الماضية كما تعاني المملكة من تلوث المياه الذي ينتج بفعل إضافة ملوثات إلى النظام البيئي وهذه الملوثات هي مواد تعرض الإنسان للخطر وتهدد سلامته وحياته وسلامة مصادر المياه وقد يكون الإنسان سبباً رئيسياً في ذلك من خلال تعامله مع المياه في الزراعة والصناعة أو من خلال سوء تنفيذ الآبار مما يسمح معه بتسرب بعض المواد الكيميائية والبترولية أو المبيدات الحشرية والأسمدة أو مياه الصرف الزراعي أو الصحي إلى الآبار ومنها إلى طبقة المياه الرئيسية المحفورة إليها البئر نتيجة لسوء التنفيذ للآبار، ولكن وبكل أسف هناك من يقوم بحفر الآبار لغرض معين ثم يحولها بعد ذلك لغرض آخر كأن يقوم باستخدامها للصرف الصحي أو يصرف إليها بعض الملوثات التي يرغب في التخلص منها مثل المواد الكيميائية أو البترولية أو غيرها من الملوثات مما يؤدي إلى تلوث المياه في الطبقة الحاملة للمياه والتي قد تكون في بعض المناطق مستغلة لأغراض الشرب ولا شك أن مثل هذه الأعمال منافية للدين والأمانة والوطنية فطبقات المياه المحافظة عليها مسؤولية جماعية كما أن الاستنزاف الجائر والكبير للمياه يؤدي إلى إرتفاع ملوحة المياه ويزداد ذلك في المناطق الشاطئية حيث يؤدي إلى إخلال التوازن المائي ودخول مياه البحر إلى الطبقة الحاملة للمياه مما يزيد من ارتفاع ملوحة مياه هذه الطبقة كما أن قلة الوعي لدى بعض مستخدمي المياه لجميع الأغراض سواء المنزلية والبلدية والصناعية أو الزراعية يعد من مشاكل المياه في المملكة لعدم شعورهم بأهمية المياه وأنها مورد ناضب إذا لم يحسن استخدامه وعدم شعورهم بالجهود التي تبذل لتأمين هذه المياه لأنها تصلهم بأسعار رخيصة وزهيدة إضافة لعدم وجود قيمة اقتصادية أو جدوى إقتصادية للمياه عند تقديم دراسة للمشاريع بمختلف أنواعها والتي تدخل المياه فيها فلا يحسب لهذه المياه قيمة اقتصادية حيث تعتبر مجاناً نشاهد الكثير من الصناعات الغذائية يصدر إلى خارج البلاد وإلى دول غنية بالمياه ومما يزيد من مشكلة هدر المياه أن الكثير من العمالة الوافدة تتعامل بصورة رئيسية مع المياه المستهلكة في الأغراض الزراعية في غالبيتها قدمت من دول لا تعاني مشاكل في المياه والبعض منها فيها أنهار جارية وهذه العمالة لا تشعر بأهمية المياه في بلد مثل المملكة العربية السعودية والتي تعد من أشد الدول فقراً في المياه ومن الأهمية بمكان توعية المواطنين والمقيمين بأن الماء مورد ناضب إن أسأنا استخدامه وأنه حق للأجيال القادمة وان ديننا يأمرنا بذلك وأنه مورد قابل للتنمية والاستمرار مع حسن الاستخدام وزرع ثقافة الوعي بأهمية هذه المياه وعمل دورات تثقيفية لفئات من مستخدمي المياه ونقل هذه الدورات إعلامياً ليراها من لم يحضرها لأن استمرار المملكة باستهلاكها للمياه وخاصة غير المتجددة على نفس النهج الحالي لا شك سيكون أثره بالغ الخطورة خصوصاً ان هذه المياه غير المتجددة تأثرت من الاستنزاف الكبير خلال سنوات الطفرة وهبطت مستويات مياهها ويجب الحد من استمرار الهبوط لمياه هذه الطبقات. تبذل الدولة وفقها الله منذ وحدها جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله جهوداً جبارة في سبيل ايصال المياه الصالحة للشرب وبالكمية والنوعية المناسبتين لكل مواطن ومقيم على أرض هذه البلاد الطيبة فلنقدر هذه الجهود بالمحافظة على المياه وترشيد استخدامها. حفظ الله لهذه البلاد قيادتها وأدام عزها واستقرارها. * استشاري مياه