أجبرت أهمية التمويل العقاري ومحدودية القنوات الممولة في السعودية منظمي ورشات العمل والندوات والمؤتمرات التي تعقد خلال 2010 إلى وضع محاور خاصة تناقش مستقبل الإقراض في السوق المحلي. ووضع المنظمين واللجان العلمية المشرفة محور التمويل ضمن أولويتها وذلك بتخصيص جلسات نقاش متخصصة يشارك فيها صناع القرار و نخبة من أفضل وأبرز المتحدثين العالميين والمحليين والمختصين والمستثمرين في النشاط العقاري. ولم تنحصر مناقشة مستقبل التمويل على ورشات العمل والندوات والمؤتمرات المحلية، حيث تبدأ في العاصمة العمانية مسقط اليوم وتحديداً في المؤتمر الاستثماري العربي الأول الذي ينظمه مكتب الاتحاد العربي للتنمية العقارية مناقشة ضعف وسوء التمويل في صناعة العقار في الخليج. في الوقت الذي أعلنت فيها اللجان المنظمة لمؤتمر (سايرك 2) الذي سيعقد في أواخر فبراير الجاري، إضافة إلى ملتقى الرياض الدولي الأول لآفاق الاستثمار العقاري في المملكة ودول الخليج المصاحب لمعرض (عقارات الرياض 13) الذي سيعقد هو الآخر في اليوم التاسع من مايو المقبل، عن تصدر التمويل العقاري المحاور التي سيتم مناقشتها في جلسات النقاش. وتشكل الندوات والمؤتمرات العقارية أمرا مهما في المساهمة ووضع الأسس الصحيحة لمستقبل السوق العقاري في المملكة، إضافة إلى تطوير الأنظمة والتشريعات الخاصة بالسوق المحلي وكذلك بناء مستقبل واضح لسوق محفز للمستثمرين وفق أسس علمية ومهنية واحترافية. وتعتبر الندوات والمؤتمرات التي تعقد في 2010 مختلفة عن سابقتها حيث أنها تسجل أول تجمع للمستثمرين وصنّاع القرار في الشأن العقاري والاقتصادي بعد تداعيات الأزمة المالية العالمية. ويرى العقاريون أن طفرة العقار في السعودية لم تواكبها أصلاً أنشطة تمويلية مناسبة، مؤكدين على أهمية الخدمات التمويلية في استقرار السوق وإغنائه بالسيولة المالية. ولم يستغرب العقاريون محدودية القنوات الخاصة بالتمويل تملك المساكن، والتي أدت – بحسب حديثهم- إلى انخفاض معدل امتلاك المنازل في السعودية، حيث لا تزال مؤسسات الإقراض التقليدية، مثل البنوك وشركات التمويل، هي المصدر الوحيد لسبل التمويل محلياً وفق شروط ونسب ربحية مرتفعة. وبالرغم من تنافس البنوك المحلية لزيادة حصتها السوقية في سوق تمويل المساكن إلا أن شريحة كبيرة من السعوديين لم يستفدوا من تلك البرامج بسبب ارتفاع كلفة التمويل وشروط أهلية الحصول عليه، ما جعل الجميع يترقب إصدار الأنظمة الجديدة للتمويل العقاري الذي من شأنه توفير المرونة اللازمة التي تتطلبها مؤسسات التمويل كي تتمكن من طرح مشاريع تمويل مبتكرة منخفضة المخاطر تعزز فرص تملك المنازل أو أراضي. وما زالت القروض البنكية - بحسب إحدى الدراسات الاقتصادية- متدنية في السعودية حيث تشكل ما نسبته 2% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع 50% في الولاياتالمتحدة و17% في ماليزيا وأكثر من 70% في المملكة المتحدة. وتعول الأوساط العقارية في أن يسهم تطبيق الأنظمة العقارية الجديدة في حل الكثير من العقبات التي تعترض نمو السوق العقاري، والحد من ارتفاع أسعار العقارات، وتوافر المساكن بشكل كبير، ما يؤدي إلى خفض نسبة التضخم التي سجلت ارتفاعاً كبيراً في المملكة خلال الفترة الماضية كما ستساهم هذه الأنظمة في انطلاق شركات وصناديق تمويل عقارية ما يسهم بفتح قنوات عدة للتمويل تنعكس إيجابياً على حركة السوق عموماً. ويُتوقع أن يكون لهذه الأنظمة الأثر الكبير في حل مشكلة الإسكان ودفع عجلة التنمية الإسكانية والعقارية؛ لأن ذلك سيؤدي إلى زيادة إسهام الجهات التمويلية في عملية التمويل للإسكان، سواء كانت من القطاع الخاص أو القطاع العام. وفي حال تم إقرار الأنظمة العقارية الأربعة من جهات الاختصاص في وقت لاحق، فإن ذلك سيسهم في تخفيف المخاطر على الممولين؛ مما يعود أثره على خفض كلفة التمويل، ومن ثم تسهيل حصول المواطنين على سكن ملائم حتى لو كانت دخولهم الثابتة أقل من المتوسط. ويتكون نظام التمويل العقاري من 15 مادة، فيما جاء نظام مراقبة شركات التمويل في 40 مادة، أما نظام التأجير التمويلي فقد اشتمل على 28 مادة، في حين تضمن نظام الرهن العقاري 49 مادة. وجاء، ضمن أبرز بنود نظام التمويل العقاري، السماح للبنوك بمزاولة التمويل العقاري، والترخيص لشركات التأمين التعاوني بتغطية المخاطر المتعلقة بالتمويل العقاري. واحتوى النظام على مادة صريحة تؤكد وجوب "أن يكون التمويل وإعادة التمويل بصيغ وأدوات متفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية"، كما تضمن مادتين للسجل الائتماني بالنسبة للمستفيد من التمويل، وأن يتمكن الممول من الاطلاع على المعلومات المدرجة في سجلات العقار لدى الجهات الحكومية المختصة. ونص نظام "الرهن العقاري" على وجوب أن يكون العقار المرهون مما يصح بيعه استقلالا بالمزاد العلني، سواء كان معينا موجودا أو محتمل الوجود، فيما اعتبرت بنود النظام أن الرهن يشمل ملحقات العقار المرهون من مبانٍ وغرائس وما أعد لخدمته وما يستحدث عليه من إنشاءات أو تحسينات بعد العقد، ما لم يتم الاتفاق على غير ذلك. وحسب النظام فإن كل جزء من العقار المرهون ضامن لكل الدين، وكل جزء من الدين مضمون بالعقار المرهون، ما لم يتم الاتفاق على غير ذلك. وأعطى النظام لمالك الرهن حق غلته، وجعل عليه نفقة هذا الرهن، كما اعتبر أن إدارة المرهون حق لمالكه أيضا، وذلك بما لا يخل بحق المرتهن، فيما أقر النظام بعدم بطلان الرهن بموت الراهن أو المرتهن أو بفقدان أهليته، فإن مات قام وارثه مقامه، وإن فقد أهليته ناب عنه وليه.