وفقا لصحيفة الحياة يبدو أن وزارة التربية والتعليم بصدد تغيير المقررات المدرسية للمرحلة الثانوية بداية من العام المقبل كأحد خيارين اصطدمت بهما لمواءمة مقررات الثانوية العامة مع مشروع تطوير المناهج الدراسية الشامل الذي أقرت تطبيقه أخيرا على المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، ووجدت الوزارة نفسها مجبرة على هذا الخيار رغم صعوبة تطبيقه ومشقة تفعيله في القرى النائية نظرا لعدم جاهزية الخيار الآخر والمتمثل في مشروع تطوير المناهج الشامل، والهدف فيما يبدو عدم إرجاع الطلاب والطالبات لطرائق التدريس القديمة في المرحلة الثانوية ما ينعكس بدوره على مستوى المهارات التعليمية التي وصلوا إليها خلال مقررات التطوير الشاملة التي نهلوا منها في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة. والذي يمكن أن نفهمه من هذا الخبر ونرجو أن يكون صحيحا هو أن الهدف ليس إلغاء مقررات وإضافة مقررات أخرى، أي أن الهدف ليس تغيير المحتوى بل تغيير الطرائق أو الأسلوب، وهذا هو ما كنا نطالب به منذ وقت طويل، فنحن نقلنا من مصر أسلوبا للتعليم وضعه المستعمر البريطاني وأشرف على تنفيذه اللورد كرومر، وهو أسلوب يعتمد على التلقين والحفظ بواسطة كتاب مدرسي يضعه عدد من الخبراء بحيث يقدم نظرة أحادية للحياة تخدم أهداف المستعمر، وفي نفس الوقت يلغي عقول الطلبة ويقتل إبداعهم بمنعهم من التفكير خارج الكتاب المدرسي، وهذا يعني تشكيل عقولهم وصياغتها بحيث تخضع في النهاية لإرادة المستعمر، ونشأت نتيجة ذلك طبقة من الموظفين البيروقراطيين تحافظ على الوضع الذي فرضه المستعمر، وتحول دون أي تغيير يطرأ على هذا الوضع، ولهذا فإن أي إصلاح للتعليم في بلادنا يجب أن يلغي الكتاب المدرسي البيروقراطي الذي يمثل القوى التي تقف حائلا أمام التغيير والإبداع وتنمية المهارات النقدية الخلاقة.