كلما وصل الحديث لحكاية البطالة أو كما يحلو للبعض تسميتها العطالة لابد من التوقف طويلاً عند ما يسمّى بالسعودة التي تعني توطين الوظائف والأعمال في البلاد وقد حاولتْ الاجهزة المعنية بالموارد البشرية تجريب عدّة طرق لكي توفر وظائف للمواطنين والمواطنات حين كان الاعتماد في الماضي على الوظائف والاعمال الحكومية مدنية كانت أم عسكرية فانطبع في أذهان الناس آنذاك أن الوظيفة الحكومية هي الضمان الوحيد لمستقبل الإنسان أما العمل في القطاع الخاص فهو كف العفريت الذي يسمعون به إذ من الممكن أن يُرمى بالموظف في الشارع بسهولة وفي أي وقت دون عذر أو حقوق ولكن هذا المفهوم تغير بعد الانفجار السكاني الذي شهدته بلادنا خلال العشرين سنة الماضية مما استحال توفير وظائف حكومية لعشرات الآلاف من الخريجين سنوياً من هُنا تم الالتفات إلى القطاع الخاص وضرورة مشاركته في احتواء تلك الأعداد الكبيرة وتوظيفها سيّما والبلاد تغص بملايين الأيدي العاملة الوافدة (يقال بأنه يوجد في المملكة أكثر من ثمانية ملايين وافد ). ماالذي حدث بعد ذلك ؟؟ جدال طويل واتهامات متبادلة أطرافها رجال الأعمال الذين يشككون في قدرة الشباب على العمل ، وعدم التزامهم وتدني مهنيتهم، وطالبو العمل الذين يتهمون بدورهم رجال الأعمال بتفضيل الوافد على ابن البلد بسبب تدني أجر الوافد رغم ساعات العمل الطويلة أما الأجهزة المعنية بالموارد البشرية وعلى رأسها وزارة العمل فهي تتهم أيضا رجال الأعمال بتقصيرهم تجاه توظيف المواطنين وتفضيل الوافدين عليهم وكذا عدم جديّة الشباب في العمل وعدم قبولهم بكثيرٍ من المهن التي يتطلبها سوق العمل فضاعت الطاسة لا أحد يعرف على من تقع المسؤولية..؟ وحينما لم يكن هناك من وسيلة غير فرض القانون أصدر مجلس الوزراء القرار رقم (50) وتاريخ 21/4/1415ه الخاص بإحلال العمالة الوطنية محل العمالة الأجنبيّة والذي نص على عدّة تنظيمات منها : أن تقوم جميع المنشآت أيّاً كان عدد العاملين بها بالعمل على استقطاب المواطنين وتوظيفهم، وتوفير وسائل استمرارهم في العمل لديها. إلزام كل منشأة تستخدم عشرين شخصاً فأكثر بزيادة العمالة السعودية لديها بما لا يقل عن 5% من مجموع عمالتها سنوياً. على المنشآت في تحقيقها لتلك النسبة توظيف القوى العاملة الوطنية من مختلف الفئات المهنية. وهناك عقوبات تُطبق على المنشآت التي تخالف أحكام ذلك القرار. الآن...دعونا نركّز على كلمة(إلزام) والتي لا تحتاج إلى شرح أو توضيح ثم لنحسب نسبة السعودة المفترض أن تصل إليها المنشآت والمؤسسات والشركات: القرار صدر قبل حوالي (15) سنة وكل سنة يفترض أن ترتفع نسبة السعودة 5%( 15x5 = 75) يعني يجب أن تكون نسبة الموظفين والعمال السعوديين في كل مُنشأه اليوم 75% فهل هذا موجود على أرض الواقع ؟؟ سؤال قد يُثير الغصّة في الحلوق ويسبب الاكتئاب..