تمكّن فريق علمي طبي برئاسة الدكتورة خولة الكريع كبيرة علماء أبحاث السرطان في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض من التوصل إلى اكتشاف طبي قد يساهم في تفسير سبب انتشار سرطان الغدة الدرقية لدى السعوديين والذي حيّر الأطباء والعلماء ، حيث يعد ثاني أكثر سرطان شيوعاً لدى النساء بعد سرطان الثدي ، وثالث سرطان يصيب الرجال على خلاف ما هو عليه في الدول الغربية ، حيث يصل إلى المرتبة الثامنة في قائمة السرطانات الأكثر شيوعاً . وتحت مظلة البرنامج البحثي الذي يتبناه مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في التعرف على البصمة الوراثية للسرطانات لدى المرضى السعوديين تمكن الفريق العلمي من اكتشاف أن جين هرمون السمنة ( Leptin ) يعد عاملاً رئيسياً ومسؤولاً عن انتشار وشراسة سرطان الغدة الدرقية لدينا . فمن خلال فحص عينات لأكثر من 550 مريضا ومريضة مصابين بسرطان الغدة الدرقية لوحظ أن حوالي 80% من هؤلاء المرضى لديهم زيادة في نشاط جين هرمون السمنة في خلايا الغدة الدرقية . ولوحظ أن هؤلاء المرضى الذين يظهر جين السمنة في خلاياهم السرطانية يعانون من أنواع شرسة من سرطانات الغدة الدرقية ، وتكون الأورام لديهم سريعة النمو والانتشار وغير قابلة للعلاج بسهولة ، كما أن نسبة كبيرة منهم يعانون من عودة السرطان ونموه حتى بعد استئصاله جراحياً . بعد ذلك قام الفريق العلمي بعزل وفحص خلايا الغدة الدرقية السرطانية بطريقة مخبرية معقدة لمعرفة تأثير جين السمنة والآلية التي يعمل من خلالها على تلك الخلايا . فوجدوا أن جين السمنة يقوم بتنشيط عدد من الأوامر الخلوية والجينات الأخرى التي تساعد خلية الغدة الدرقية على فقد قدرتها على الوفاة واستمرارها في النمو والتكاثر . وقد وُجِدَ أن جين (AKT) الذي اكتشف الفريق العلمي دوره في سرطان الغدد الليمفاوية منذ عدة سنوات كان أحد أهم الجينات التي يقوم جين السمنة بتنشيط وتحفيز عمله ، وبالتالي فإن التعاون والتنشيط المتبادل بين جين السمنة( Leptin) وجين (AKT )يحوّل سرطان الغدة الدرقية إلى نوع شرس يصعب السيطرة عليه علاجياً . وللتأكد من الدور الذي يلعبه جين السمنة ( Leptin )في سرطان الغدة الدرقية قام الفريق العلمي بإثباط نشاط هذا الجين مخبرياً عن طريق استعمال الحمض النووي المثبّط (siRNA ) وكنتيجة لذلك التثبيط لوحظ أن جميع الأوامر الخلوية والجينات المحفزة للنمو التي يتحكم فيها جين السمنة قد توقف نشاطها وأن الخلايا السرطانية أخذت بالانكماش والوفاة المبرمجة . وقد نشرت نتائج هذ البحث في أهم مجلة طبية لسرطانات الغدد الصماء ( Endocrine Related Cancer ) الصادرة عن الجمعية الأوربية لأمراض الغدد الصماء . يذكرأن رئيسة الفريق العلمي الدكتورة خوله الكريّع قد دُعيت من قبل الجمعية الأمريكية لأبحاث السرطان في المؤتمر الطبي الذي أقيم بين 8-11 من أكتوبر 2009 م في بوسطن . لتقديم نتائج هذه الدراسة لأهميتها حتى قبل أن يتم نشرها في المجلة الطبية المذكورة . وقد لاقت نتائج هذه الدراسة استحساناً كبيراً في الأوساط العلمية العالمية ، وتم الكتابة عنها والإشادة بها في أكثر من 15 موقعا علميا في الولاياتالمتحدةالأمريكية من أهمها الموقع الرسمي للجمعية الأمريكية لأبحاث السرطان( AACR )و (Medical News Today )و (Daily Science ) وغيرها . وعن أهمية هذه الدراسة والفائدة التي قد تعود على مرضانا السعوديين ذكرت الدكتورة خوله الكريّع .. (لاشك أن هذه الدراسة تثبت أهمية برنامجنا البحثي في التعرف على البصمة الوراثية " الجينية " لدى مرضانا السعوديين وتؤكد رؤيتنا العلمية من أن اختلاف الصفات الجينية قد يؤثر في الإصابة والطرق العلاجية للسرطانات بين الأعراق المختلفة ، وبعد أن كنا نتلقى ما تصدره الدول الغربية من أبحاث وطرق علاجية مستندة على مرضاهم في مراكز الأبحاث لديهم أصبحنا والحمد لله رواداً في تصدير أبحاث وطرق علاجية جديدة مستندة على مرضانا وعلى بصمتهم الوراثية . وأضافت "الآن أصبح بالإمكان من خلال النتائج المستخلصة من هذا البحث أن نقوم بعمل تحليل مخبري وذلك بفحص عينة من نسيج الغدة الدرقية لمريض السرطان السعودي ومعرفة وجود هرمون السمنة ( Leptin ) .. فإن وُجدت النتيجة ايجابية لوجود هذا الجين يستطيع الجراح والطبيب المعالج المعرفة المسبقة أنه يتعامل مع نوع شرس من سرطان الغدة الدرقية وبالتالي يستطيع أن يجعل عملية الاستئصال أعمق لتشمل الغدد الليمفاوية المحيطة بالغدة الدرقية ، واعطاء جرعات إضافية للإشعاع اليودي .. وبالتالي نضمن القضاء على السرطان منذ بداياته ومنع عودته بعد العلاج بإذن الله" .