سبق أن قيل مصر هبة النيل ولو لم يكن النيل لم تكن مصر فالماء شريان الحياة ومن الماء خلق ربي كل شيء حي فالأرض عندما يحل بها الجفاف الظاهري ترى بالعين المجردة تشققها وتصدعها تنقلب إلى التصحر ناهيك إذا حل بها الجفاف من الباطن فكيف يكون الحال لا تعليق .؟ الدولة أعزها الله وأيدها بتوفيقه عندما تفكر بمشروع حيوي يكون مردوده ونفعه إيجابياً على الأمة لا تتوانى في الإسراع بتوفير الوقت الكافي لتهيأته وتجنيد كل الطاقات البشرية من الخبراء والإيدي الفنية العاملة من مهندسين وإداريين لدراسته ميدانياً وعلى الورق وتقدر تكاليفه وتؤخذ الموافقة السامية على طرحه وهذا ما حصل لمشروع ماء التحلية المراد جلبه من مدينة الوجه ليروي ظمأ أهل محافظة العلا وقراها وفعلاً تم ذلك ورصد له حوالي 700 مليون ريال في ميزانية عام 1427ه ولم يبق عليه سوى طرحه في مناقصة عامة للتنافس ، واستبشر الناس ولكن مع الأسف لم يكن في الحسبان بأن هذا المشروع سيوأد وبعد المخاض ولد ميتاً وماتت الفرحة بمجرد فكرة رجل مسؤول أسقط كل الحسابات عن هذا المشروع الحيوي وأدار له ظهره واقترح بديلاً عنه حفر آبار ارتوازية عدة في محافظة العلا ليروي ظمأ أهل خيبر وتوابعها، الأشجار تموت واقفة . أهالي محافظة العلا مهنتهم التقليدية الزراعة ورب العزة والجلال قال مخاطباً قوم صالح عليه السلام القاطنين بجزء من هذه المنطقة من قبل آلاف السنين: (أتتركون فيما هاهنا آمنين وجنات وعيون ونخل طلعها هظيم ) وهذا تأييد لمهنة أهلها فكيف إذا غارت الآبار ونضب الماء ومات النخل والأشجار أين يذهبون عن مسقط رأس آبائهم وأجدادهم، كيف لا وينتظرها الآن مستقبل واعد بقرب تشغيل مطارها الجديد وأصبحت مثلثاً يربطها بخطوط برية مسفلتة بينها وبين المدينةالمنورةوالمدينةالمنورة وخيبر، العلا حائل ، العلا تيماء وتبوك ، العلا والوجه ، العلا وتبوك عن طريق المعظم وبشارة سمو أمير منطقة تبوك بالموافقة السامية بإنشاء خط ثان دولي سريع يربط تبوكبالمدينةالمنورة مروراً بالعلا وأعتمد في ميزانية الخير لعام 1430ه 1431ه إلى جانب ما تحتضنه من آثار عظيمة تقف شامخة بشكل صامت لحضارت سادت ثم بادت وإدارة السياحة مهتمة بأمرها. كيف إذا نضب مائها وأصبح نخيلها أعجازاً وأشجارها كالهشيم فبلا أدنى شك ستتحول إلى مدينة أشباح لا قبلة للسياح. عندما اهتزت حرّة الشّاقة بالعيص، اهتزت مدينة العلا معها فلولا لطف الله ثم الأوتاد لظن أهلها بأن الأرض ستميد بهم. هذا واقع الحال الآن فكيف إذا حدثت الفراغات في القشرة الأرضية عندما يهوي مستوى مائها فسوف تشقق الأرض ويصبح خطرها على أهل محافظة العلا أكثر من نفع أهل خيبر ، وربما تتحول إلى مركز للزلازل وبعدها يكونون عبئاً على الدولة . ونقول على لسان أهلها ( يا نحل لا تقرصاً ولا نريد لك عسل ) والشواهد ظاهرة للعيان بما حل في مزارع مغيرة وتربة وينبع النخل ووادي فاطمة ومنطقة خليص جلها قد مات والبقية الباقية تحتضر من شح المياه الجوفية أفلا نتعظ ؟ إننا نحسن الظن في نية معالي وزير الكهرباء والمياه وهو مجتهد في رأيه بل لنا عتب عليه ونريد أن يدرك لوم وغضب الآلاف من سكان المحافظة عندما يلمسون فعلاً ذهاب مخزونهم الإستراتيجي نزولاً كمهوى القرط. ولنا في معاليه إعادة النظر بهذا المشروع كون الاستمرار فيه سيؤثر تأثيراً كبيراً على أهل المحافظة والأجيال القادمة فلا نسعى متسارعين لحل مشكلة على حساب أخرى قادمة تجلب المتاعب لها . إنني باسم الآلاف من أهالي المحافظة وباسم الملايين من أشجار النخيل الباسقة وحمضياتها وورقياتها ومواشيها التي هي مصدر رزقهم نستنهض همة ملك الإنسانية عبدالله بن عبدالعزيز الأب العطوف القريب إلى قلوب شعبه وإلى سلطان الخير وإلى رجل الأمن الأول نايف العطا وأمير القلوب عبدالعزيز بن ماجد وإلى رائد السياحة سلطان بن سلمان بأن يثنوا معالي وزير الكهرباء والمياه عن رأيه والعمل على تنفيذ مشروع التحلية الذي أقر وأعتمد ورصد مبلغه في ميزانية عام 1427ه والذي نعتبره نقطة في بحر من مشروع جلب الماء المحلى لمنطقتي سدير والوشم . *ابن العلا اللواء متقاعد