أثار الانتشار العسكري الامريكي المتزايد في هايتي مشاعر مختلطة في هذا البلد الكاريبي وخارجه. ثمة شعور بان احدهم ربما تعين عليه مكافحة غياب القانون في شوارع بورت -أو - برينس عقب الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد الاسبوع الماضي .لكن هناك قلقا حقيقيا من ان عمليات الاغاثة المتصلة بالزلزال قد تصبح تدخلا عسكريا مفتوحا. ولا تزال الحاجة ماسة الي المساعدة حيث يقدر عدد القتلى بمئتي الف كما صار مليون دون مأوى بيد انه حتى المساعدات صارت مادة للتفسير السياسي والايديولوجي. وصرح بيني لورانس مدير برامج المساعدات والتنمية بمؤسسة اوكسفام الخيرية البريطانية لوكالة الانباء الالمانية (د.ب.أ) قائلا " نؤيد بشكل كامل التدخل العسكري في النواحى اللوجستية والامنية لكن هذا الامر يتعين ان يكون تحت مظلة الاممالمتحدة". وأضاف قائلا "الحديث عن التنسيق صحيح لكن من الناحية العملية ينطوي على تحد". وكان بينوي ليديو من منظمة اطباء بلا حدود اشد صراحة إذ قال ان منظمته تشعر بالقلق من " عسكرة المساعدات .كما تشعر بالقلق كذلك من توزيع الطعام تحت السلاح". أما على الارض فان قسما كبيرا من مواطني هايتي سعداء بوصول المارينز " مشاة البحرية الأمريكيين". يقول واوا - 38 عاما - وهم عضو سابق بإحدى العصابات ويحظى باحترام في مناطق العشوائيات الخطرة في بورت - أو - برينس "الامريكيون أملنا الوحيد. اعتقد انهم سيلجمون العصابات". بيد انه حتىأن مواطني هايتي انفسهم يخشون من ان وجود القوات الامريكية سيعني على الفور أن احتياجاتهم ربما تهبط الى مستوى أدنى. وسرت شائعات يوم الخميس الماضي عن خطة لطرد اللاجئين من استاد هايتي الوطني في بورت -أو برينس - لاخلاء مساحة للقوات الامريكية لهبوط مروحياتهم على سبيل المثال. وشجب منتقدون القوات الأمريكية التي تسيطر على مطار المدينة لانها فضلت الرحلات العسكرية على المدنية. ويصر القائد بوك التون مدير العمليات الجوية للجيش الامريكي في هايتي على ان خطط الهبوط تقسم بالتساوي بين المطالب. وقال للصحفيين يوم الاربعاء - على سبيل المثال- ان هناك 43 طائرة للاغاثة الدولية و55 طائرة للاغاثة المدنية الامريكية و51 طائرة عسكرية. وانتقدت منظمات الاغاثة من جميع أنحاء العالم بأدب ما وصفه المحلل سيماس ويلين انه التدخل العسكري الامريكي "الذي خلط الاولويات" وذلك في صحيفة جارديان البريطانية. هايتيون يمرون أمام منازل دمرها الزلزال في وسط العاصمة بور أو برنس (رويترز) ووصفت وسائل إعلام تايوانية فرق الانقاذ الامريكية بانها "مستأسدة" لانها دفعت فريق بحث تايوانيا بعيدا عن مختلف المواقع ومن بينها مبنى تابع للامم المتحدة على الرغم من ان الفريق التايواني كان حدد مواقع الناجين وكان يعمل على إخراجهم من بين الأنقاض. وزعم آخرون ان القوات الاميريكية اعطت الاولوية لاجلاء المواطنين الامريكيين وانها تفضل بشكل عام المساعدات الامنية على المساعدات الانسانية كما قالت صحيفة لوموند الفرنسية. بل ذهب المنتقدون التقليديون للسياسة الامريكية مثل الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز الى مدى أبعد. وشكا شافيز من أن " حكومة الولاياتالمتحدة تستغل المأساة الانسانية لاحتلال هايتي عسكريا. كوبا مثلا لها أطباء في هايتي بأكثر مما للولايات المتحدة". ويشكك محللون في مختلف أنحاء المعمورة في نوايا الرئيس الامريكي باراك اوباما من نشر القوات الامريكية في هايتي. هل يحاول أوباما تنظيف وجه أمريكا بعد المغامرات العسكرية المتسمة بالفوضي والقذارة في العراق وأفغانستان ؟ هل يحاول التأكيد على مزايا المشاركة الامريكية لمنح " التدخل الامريكي " اسما جديدا نظيفا؟ وقال الكاتب المكسيكي كارلوس فونتيس في مقال له بصحيفة الباييس الاسبانية" لقد أصدر أوباما ( بسرعة تتناقض مع التراخي الذي تعامل به سلفه في قضية إعصار كاترينا بولاية نيو أورليانز) قرارات بمساعدات استثنائية ". وسلطت صحيفة " دي برس" النمساوية الاضواء على التناقض بين جهود الاغاثة الامريكية في هايتي وتاريخ واشنطن في دعم الأنظمة الديكتاتورية في أمريكا الوسطي. وقالت دي برس " اذا كان الرئيس اوباما ملتزما الان بالوقوف الى جانب فقراء هايتي كشريك أيضا بعد اختفاء الجمهورية الكاريبية من عناوين الاخبار إذن فقد تعلم درسا من التاريخ الأمريكي".