كشفت صحيفة "هآرتس" أمس عن وجود أزمة خطيرة في العلاقات بين تل ابيب وعمان وصلت الى قطيعة شبه كاملة بين العاهل الاردني الملك عبدالله ورئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو. واشارت الى ان الملك عبدالله لم يلتق نتنياهو منذ دخوله مكتب رئيس الحكومة الاسرائيلية الا مرة واحدة في منتصف ايار 2009، عشية توجه نتنياهو الى واشنطن، حيث ضغط عليه العاهل الاردني قبول مبدأ "دولتين للشعبين" ونقل له رسائل حادة بالنسبة للبناء في المستوطنات والنشاطات الاسرائيلية في شرقي القدس. وحسب "هارتس" فإن الملك عبدالله ونتنياهو تحادثا هاتفيا ليس اكثر من مرة واحدة خلال الاشهر التسعة الاخيرة، وعندما تناقلت الرسائل بين الرجلين، تم الامر عبر الرئيس شمعون بيريس الذي يتحدث مع الملك عبدالله كل بضعة اسابيع، الى جانب الاتصالات التي يجريها رئيس الموساد مئير داغان مع قادة المملكة. ونقلت "هارتس" عن موظفين اسرائيليين كبار رفضوا الكشف عن اسمائهم بسبب حساسية الموضوع القول:"العلاقات في درك اسفل خطير وفي ازمة حقيقية.. يوجد عدم ثقة حقيقي ومن الصعب العمل على هذا النحو"، وبدورها اكدت مصادر رسمية خطورة التدهور في العلاقات"، حسب الصحيفة الاسرائيلية. ونقلت الصحيفة عن مصادر اسرائيلية واردنية القول ان احد اسباب القطيعة هو انعدام ثقة الملك عبدالله بنتنياهو، وهو ما عبر عنه العاهل الاردني في مقابلة منحها لصحيفة "التايمز" اللندنية في ايار 2009، قبل بضعة ايام فقط من لقائه مع نتنياهو. ومما قاله الملك عبدالله في حينه: "كان لي ثلاثة اشهر في ولايتي كملك بالتوازي مع نتنياهو (1999)، هذه كانت الاشهر الثلاثة الاقل لطفا في كل عشر سنوات ولايتي حتى الآن". وحسب المصادر الاردنية والاسرائيلية فإن الحرب على غزة ونتائج الانتخابات في اسرائيل والجمود السياسي هي التي ادت الى الازمة الخطيرة، وقالت: ان الملك عبدالله وباقي القيادة الاردنية لا يؤمنون بصدق نوايا نتنياهو بالنسبة للمسيرة السلمية ويشتبهون بانه يخدعهم. ونقلت "هارتس" عن مصدر اردني كبير "حتى اليوم لم نسمع من نتنياهو بشكل واضح ما هو هدفه، وهل هو ملتزم بالمسيرة السلمية وهل هو جدي بالنسبة لاقامة دولة فلسطينية"، واضاف: "نتنياهو يعرف بالضبط مواقفنا والملك قال له كل شيء بشكل واضح ومباشر، ولكن لشدة الأسف، نحن لا نرى أي استجابة وتقدم في المسيرة السلمية". ولفتت "هارتس" الى ان حالة الشك والغضب الاردنية تجاه نتنياهو تبرز على نحو خاص في مسألة شرق القدس والحرم القدسي، ففي السنة الاخيرة وقعت اكثر من خمس حالات مختلفة رفع فيها الاردنيون احتجاجات دبلوماسية لاسرائيل او استدعوا السفير الاسرائيلي في عمان الى حديث توبيخ في مواضيع تتعلق بالقدس. واضافت: يجري الاردنيون متابعة وثيقة لكل عمل اسرائيلي في القدس. الاضطرابات في الحرم عشية يوم الغفران الاخير رفعت التوتر بين الدولتين الى ذروة جديدة، كما أن الاردنيين يشتكون بشكل دائم من الحفريات التي بزعمهم تنفذها جمعيات اسرائيلية تحت الحرم. ونقلت الصحيفة عن مصدر اردني كبير تاكيده: ان اعمال اسرائيل في شرق القدس في السنة الاخيرة هي احد الاسباب المركزية للازمة في العلاقات. واضاف: "هناك تفاقم كبير في المعاملة مع السكان العرب في القدس، هم يطردون الناس من بيوتهم، يبنون دون توقف في شرقي القدس ويقومون باستفزازات في الحرم". وقالت "هارتس" انه وخلافا للعلاقات مع تركيا حيث التوتر علني ومغطى اعلاميا، فان الازمة مع الاردن وان كانت هادئة الا انها اكثر حدة وعمقا بكثير. وقالت الصحيفة ان حدة الازمة الحالية تبرز على نحو خاص على خلفية العلاقات الدافئة والحميمة التي كانت رئيس الوزراء ايهود اولمرت مع الملك عبدالله، وكذلك بالقياس الى العلاقات الوثيقة لرئيس الوزراء نتنياهو مع الرئيس المصري حسني مبارك". واضاف "هارتس": ان القطيعة تسود ايضا في مستويات أدنى من ذلك، فوزير الخارجية الاردني ناصر جودة يتعامل مع نظيره الاسرائيلي افيغدور ليبرمان ك "منبوذ" ويرفض أي اتصال به. وحسب موظفين اسرائيليين فإنه "تبذل محاولات عديدة لترميم العلاقات ولكن كل هذه المحاولات تحظى بكتف باردة من جانب الاردنيين، كل المشاريع المشتركة، باستثناء تلك التي في مجال المياه، توجد في تجميد تام ولا يبدو أي استعداد اردني لازالة هذا التجميد".