مرت الطبيعة البشرية بمراحل تطور هائلة عبر العصور، وفي كل مرحلة، وجد الإنسان نفسه في مواجهة مع التحديات التي يجلبها له كل عصر، ولهذا السبب، تعتبر مصادر الطاقة من أهم أسباب تطور الإنسان واستمرارية الحياة.. قبل القرن الثامن عشر، بدأ الناس باستخدام الطاقة لتزويدهم بالحرارة اللازمة من خلال حرق الخشب، ومع التطورات الصناعية بدأ الناس بالاعتماد على الطاقة لتوليد الكهرباء (وهي طريقة لنقل الطاقة من مكان إلى آخر) فقد اشتهر الصينيون والمصريون القدامى بحرق الزيت لتوفير الضوء، وفي عام 1809م، اكتشف النفط رسمياً على يد Edwin Drake في بنسلفانيا في الولاياتالمتحدة. كما هو معروف، فقد حدثت الكارثة النفطية الأولى في أوائل السبعينات، حيث ارتفعت أسعار النفط بسبب الأزمة العربية - الإسرائيلية، ومنذ ذلك الوقت، أصبح العالم في سباق لاكتشاف مصادر جديدة للطاقة، خصوصاً مع ارتفاع الأصوات حول المشكلات البيئية وأضرارها، هذا بالإضافة إلى تزايد الطلب على النفط، حيث قدرت «الوكالة الدولية للطاقة» ارتفاع الطلب بنسبة 60٪ عام 2030م، لذلك، أقدم اجتهاداً بسيطاً ومختصراً للتعرف على مصادر الطاقة المختلفة والتي يمكن في يوم من الأيام أن تحل محل النفط كمصدر أساسي للطاقة، ويترك الحكم الأخير للقارئ. تنقسم مصادر الطاقة إلى قسمين: الطاقة المتجددة (Renewable Enerfy)، وهي التي تكون غير قابلة للنضوب ومتوفرة بشكل كبير. تعتبر الطاقة الشمسة (Solar Energy) من أهم المصادر المتجددة. فكما هو معروف، الطاقة الشمسية تنبعث من الشمس، ويعتبر المصدر الرئيسي والأهم كون أن هذا المصدر سبباً لمصادر أخرى للطاقة، مثل طاقة الرياح والأمواج وحتى الفحم الحجري. الحرارة والضوء اللذان ينبعثان من الشمس هما سبب توليد الطاقة. هذا المصدر لا يسبب أضراراً بيئية، ولكنه غير متوفر في بعض مناطق العالم، مثل القطبين الشمالي والجنوبي.. ومثلما يمكن الاستفادة من حرارة الشمس، يمكن أيضاً الاستفادة من حرارة باطن الأرض. فالطاقة الخاصة بحرارة الأرض، أو ما يعرف ب (Geothermal Energy) تعتمد على الحرارة المنبعثة من صهارة الأرض - وهي التي تتكون منها الصخور البركانية - لتوليد الكهرباء. المناطق التي غالباً تتكون فيها الصهارة هي المناطق التي تكثر فيها البراكين، وطبعاً لا يمكننا القول بأن هذا المصدر «صديق للبيئة» أو أنه غير ملوث. ومع ذلك يعتبر هذا المصدر غير ناضب. طاقة الرياح والأمواج (Wind and Wave Energy) تعتبر أيضاً من الطاقة المتجددة. الذي يربط بين هذين المصدرين هي الآلة التي تستخدم لتوفيرها، وهي التوربينات. تولد التوربينات الكهرباء عن طريق قوة الدفع للرياح أو الأمواج. وبالرغم من بساطة تشغيلها، إلا أن هذه التوربينات لا بد أن تكون قريبة من المصدر وإلا لا يمكن الاستفادة منها، إضافة إلى الازعاج الذي تسببه هذه الآلة الهائلة! ولكنها غير ملوثة للبيئة.. بالإضافة إلى طاقة الأمواج هناك أيضاً الطاقة المولدة من المد والجزر (Tidal Energy). يحدث المد والجزر في البحار، والطاقة المولدة هي نتيجة لحركة المد والجزر، السبب في كون هذا المصدر يمكن الاعتماد عليه لتوفير الطاقة هو أن حركة المد والجزر يمكن توقعها أو توقع حدوثها. ولكن عيبه هو أنه لا يولد كمية كافية من الكهرباء. هل يمكن لأحد التوقع بأننا يمكننا الاستفادة من المخلفات؟! النفايات، السماد والروث، الطحالب البحرية، وأنواع أخرى يمكنها أن تكون مصدراً لتوفير الطاق، وهي التي تسمى ب (Biomass Energy) توليد الكهرباء يأتي عن طريق حرق تلك المخلفات، والذي ينتج عنه حرارة هائلة تكون السبب في توليد الكهرباء. هذا بالنسبة للطاقة المتجددة.لكن عند الحديث عن الطاقة، لا بد وأن نعطي فكرة عن القسم الثاني من مصادر الطاقة وهي الطاقة الناضبة، أو الطاقة غير المتجددة (Nonrenewable Energy) بشكل عام، فهي تضم الوقود الحجري (Fossil fuels): مكون من (الفحم، البترول، والغاز الطبيعي)، والطاقة النووية (Nuclear Energy). تكون الوقود الحجري نتيجة لتحلل مواد عضوية تحت غطاء كثيف من الرواسب موجودة منذ ملايين السنين، رغم أن حاجات العالم من الطاقة يغطيها الوقود الحجري، إلا أنه يعتبر السبب الرئيسي للتلوث والمطر الحامضي «acid rain» (أبخرة حامضة تتساقط كالمطر)، وسبب رئيسي أيضاً لظاهرة تأثير البيت الزجاجي، أو ما يعرف ب «greenhouse effect»: وهي ظاهرة يحبس فيها جو الأرض الاشعاع الشمس وذلك نتيجة وجود الغازات في الغلاف الجوي، مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، التي تسمح لأشعة الشمس الواردة بالمرور لكنها تمتص الحرارة المنعكسة على سطح الأرض. تنتج الطاقة النووية الكهرباء عن طريق اليورانيوم، يستفاد من الأبخرة التي ينتجها المفاعل النووي في دفع التوربينات الموصلة بمولدات الكهرباء. أكثر من 36 كيلووات/ساعة من الكهرباء ينتج من طن واحد من اليورانيوم. ويوجد اليورانيوم في مناطق عديدة مثل أفريقيا، وروسيا أمريكا الشمالية، ويعكس الوقود الحجري، لا تسبب الطاقة النووية ظاهرة «البيت الزجاجي»، ولا يزيد من ظاهرة الانبعاث الحراري.