اجرى المبعوث الاميركي الى الشرق الاوسط جورج ميتشل الذي يقوم بجولة في المنطقة، محادثات مع المسؤولين الاسرائيليين في اطار سعيه لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية المجمدة منذ اكثر من عام. وتتواصل هذه المساعي مع ان الرئيس باراك اوباما اقر في مقابلة نشرتها مجلة "التايم" بانه اساء تقدير فرص السلام في الشرق الاوسط. وقال اوباما "اعتقد اننا بالغنا في تقدير قدرتنا على اقناعهم (الاسرائيليين والفلسطينيين)" في استئناف مفاوضات السلام. واعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن تأييده للجهود الاميركية لاستئناف المفاوضات، مكررا موقف المجتمع الدولي الرافض للاستيطان ولضم اسرائيل للقدس الشرقية والمؤيد لان تصبح القدس عاصمة لاسرائيل والدولة الفلسطينية المقبلة. وتاتي زيارة ميتشل الذي زار قبلها بيروت ودمشق، بعد تصريحات اعلن فيها رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو انه يريد الاحتفاظ بتواجد امني على الحدود الشرقية للاراضي الفلسطينية في حال قيام دولة. وقال الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز قبل لقائه ميتشل ان "الوقت ثمين" محذرا من ان عدم تحقيق تقدم في جهود السلام سيعطي الفرصة "للقوى السلبية" لكي تتحرك. وقال بيريز للصحافيين "على القادة أن يحافظوا على جدية اجندة السلام وان يبقوها مفتوحة، وذلك حتى لا يفسحوا من جديد المجال للاخرين للتدخل وتقويض ما تم انجازه او ما هو على وشك ان ينجز ويحتاج لبذل بعض الجهد". وقال ميتشل انه يتفق مع الرئيس الاسرائيلي بشأن "جدية الوضع، وتعهد بمتابعة العمل من اجل الهدف الذي رسمه الرئيس باراك اوباما من اجل تحقيق سلام شامل في المنطقة. وقال المبعوث الاميركي انه "مع اعترافنا بالصعوبات والتعقيدات سنواصل العمل الى ان نحقق هذا الهدف. هذا المغزى من وجودي هنا اليوم". والتقى ميتشل بنيامين نتانياهو نشر على اثره مكتب رئيس الوزراء بيانا مقتضبا ذكر فيه ان المباحثات استمرت ساعتين ونصف وتناولت "سبل استئناف عملية السلام وستستمر خلال الايام المقبلة". واجرى ميتشل قبلها مباحثات مع وزير الحرب الاسرائيلي ايهود باراك ووزير الخارجية افيغدور ليبرمان، على ان يلتقي رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو لاحقا قبل لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس الجمعة في رام الله بالضفة الغربية قبل ان يغادر اسرائيل اليوم. وكان نتانياهو عبر عن تشاؤمه حيال فرص استئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين المعلقة منذ الحرب الاسرائيلية على غزة اواخر 2008، بعد ان دعا السلطة الفلسطينية للعودة الى طاولة المفاوضات "بدون شروط مسبقة". لكن عباس اكد مرارا وتكرارا انه لن يعود الى طاولة المفاوضات من دون تجميد تام للاستيطان في الضفة الغربية بما في ذلك القدسالشرقية، بعد ان رفض الفلسطينيون التجميد الجزئي الموقت الذي اقره نتانياهو في تشرين الثاني/نوفمبر. واكد نتانياهو كذلك ان اسرائيل ستبقى متواجدة على طول الحدود الشرقية للدولة الفلسطينية المقبلة في المنطقة المحاذية للاردن بهدف منع تهريب الاسلحة، متسببا بالمزيد من التوتر، وواضعا المزيد من العراقيل امام الجهود الاميركية. ورفض الفلسطينيون تماما اقتراح نتانياهو. وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينة ان الحكومة الاسرائيلية "تضع المزيد من العراقيل امام استئناف المفاوضات وتكشف ماهية الحل الذي يريده نتانياهو والدولة التي يرضى بها". واضاف في تصريحات لوكالة فرانس برس ان "القيادة الفلسطينية لن تقبل بوجود جندي اسرائيلي واحد على الاراضي الفلسطينية بعد انهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية". واعتبر ابو ردينة زيارة ميتشل "محاولة لانقاذ ما يمكن انقاذه من عملية السلام التي تعطلها اسرائيل". واضاف "نحن لسنا بحاجة الى مفاوضات بل نريد تطبيق خارطة الطريق والتي تنص على ضرورة ان يزول الاحتلال وتقام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة ومتصلة وعاصمتها القدس الشريف وحل كافة قضايا الوضع النهائي من دون ذلك ستبقى الامور تدور في حلقة مفرغة". وقال ابو ردينة ان جمود العملية السلمية مرده الى "رفض اسرائيل الوقف التام للاستيطان في جميع الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 وخاصة في القدس". واكد ان الجهود الدبلوماسية "لا زالت في طريق مسدود جراء تعنت الحكومة الاسرائيلية التي ترفض المقترحات الامريكية من اجل استئناف المفاوضات" مضيفا ان "الامور لا تسير بالشكل المطلوب والمشجع". ورفض نتانياهو وقف الاستيطان في القدسالشرقيةالمحتلة التي ضمتها اسرائيل بعد احتلالها في 1967 ثم اعلنتها مع القدسالغربية عاصمة "موحدة وابدية" لها منذ 1980. وقبل اسرائيل، زار ميتشل بيروت ودمشق حيث اكد ان للبنان وسورية دورا تضطلعان به من اجل تحقيق سلام شامل. على ذات الصعيد قال وزير إسرائيلي إن ثمة احتمالا ضئيلا لاستئناف عملية السلام والمفاوضات حول قضايا الحل الدائم بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. ونقلت صحيفة هآرتس امس عن وزير إسرائيلي ، وصف برفيع المستوى والمقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ، قوله إن الزيارة الحالية للمبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل لإسرائيل والسلطة الفلسطينية ستنتهي من دون أن ينجح في إقناع الرئيس الفلسطيني محمود عباس باستئناف المفاوضات حول اتفاق دائم. وأضاف أن ميتشل لن ينجح أيضا في الحصول على إجابة واضحة من نتنياهو حول ما إذا كان مستعدا لتبني المعادلة التي طرحتها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون فيما يتعلق بأن تستند الحدود الدائمة بين الجانبين إلى حدود العام 1967. يذكر أن نتنياهو أعلن هذا الأسبوع إنه ينبغي أن يكون هناك تواجد عسكري إسرائيلي حول الدول الفلسطينية بعد قيامها وخصوصا على طول الحدود مع الأردن في منطقة الأغوار. وفي موازاة رفض إسرائيل المطلب الفلسطيني بتجميد الاستيطان كثفت في الشهور الأخيرة أعمال البناء في القدسالشرقية وأعلنت عن إنشاء مستوطنات جديدة في قلب الأحياء الفلسطينية، فيما تصاعدت حدة التصريحات التي يطلقها الجانبان والاتهامات المتبادلة بينهما حول تعميق الجمود في العملية السياسية. وفي هذه الأثناء سيبقى ميتشل في المنطقة عدة أيام أخرى يتابع خلالها اللقاءات مع المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين في ظل التشاؤم الذي عبر عنه أوباما خلال مقابلة أجرتها معه مجلة "تايم" الأميركية حول فشل إدارته في استئناف عملية السلام في الشرق الأوسط.