** هناك حاجة ملحة ..للتوقف طويلاً عند كلمة "جهاد".. ** فقد أطل علينا المصطلح من جديد في الآونة الأخيرة..وبصورة فيها الكثير من "اللبس" و"الغموض" و"التشويش". ** وعلينا أن نبادر بسرعة إلى استحثاث همم علماء الأمة..ومفكريها..وساستها إلى إنقاذ شباب الأمة من الوقوع في شرك المفهوم الخاطئ والمتداول لهذه الكلمة من جديد..بعد أن عانت الشعوب والمجتمعات الإسلامية كثيراً من سوء الفهم الذي ترافق مع تطبيقات خاطئة لمصطلح "جهاد"..بدءا بالذهاب إلى أفغانستان لمحاربة السوفيات وانتهاءً بدعوى التصدي للكفرة والمشركين التي تزامنت مع الغزو العراقي للكويت..ومروراً بالذهاب إلى "الشيشان"و"البوسنة والهرسك" و"العراق"و"لبنان".. ** والأخطر من كل ذلك ولادة منظمة القاعدة من رحم هذا المصطلح المغلوط..وما قامت وتقوم به من أعمال إجرامية..تجسد بقوة في (11سبتمبر/2001 بمدينة نيويورك)..وتوالت بعد ذلك لتضرب العديد من المجتمعات الآمنة..ومنها مجتمعنا السعودي..والمجتمع المصري..والمجتمع الجزائري والمغربي والعراقي والصومالي..وجُيّش المئات من الشباب العربي المسلم للانخراط في معسكرات التدريب واستُخدموا في عمليات إرهابية..كل ذلك حدث بسبب الفهم الخاطئ لمصطلح "جهاد".. ** واليوم..وقد عاد المصطلح إلى الظهور من جديد.. ** فان المسؤولية باتت أكبر..والحاجة أشد..إلى القيام بعمل خلاق وتاريخي تتولاه منظمة المؤتمر الإسلامي..ومجمع الفقه الإسلامي..بصورة أكثر تحديداً..لكي نُبصّر شعوبنا..بحقيقة ما يراد لهم الوقوع فيه..وجر الأمة إليه..وإفساد جهود القادة والشعوب المخلصة لتصحيحه وإزالة آثاره من عقول دول وشعوب العالم التي صنفت الإسلام منذ حادثة نيويورك على أنه دين إرهابي..وثقافة تُعادي الإنسانية..وفكر يقود العالم إلى الدمار..نتيجة ما أوصلنا إليه الفكر الضال ..والممارسات اللامسؤولة التي قامت بها منظمة القاعدة..وشوهت معها صورة الإسلام الحقيقية..وألصقت بنا تهمة خطيرة ما زلنا نعاني منها حتى الآن.. **نقول..إن الحاجة باتت أكثر إلحاحا لعقد قمة إسلامية ينبثق عنها صدور "وثيقة عالمية" تختص فقط..بتعريف وتحديد وتشخيص مصطلح "الجهاد في الإسلام"..منعاً لاستغلال مشاعر الشباب المسلم المتحمس..وتوجيهها وجهة خاطئة..بدل تبصيرهم بحقيقة الجهاد..وشرعيته..ومرجعيته..وضروراته..وأن يكون هناك تمييز دقيق وحكيم بين مفهومه..وبين ما تقوم به منظمة (القاعدة ) ومن لف نصها..أو ما يعتقد به بعض المحسوبين على الفكر الإسلامي الذين تحاول المنظمة جرهم إلى نفس الخطأ التاريخي..ودفعهم إلى توفير مظلة شرعية لأعمالهم الإرهابية الخطيرة.. ** وليت هذه القمة التاريخية المهمة التي أقترحها..تستقطب قيادات فكرية..ودينية وسياسية..وأمنية رفيعة لصياغة هذه الوثيقة..وإلزام جميع الدول العربية والإسلامية بها..ومتابعة تطبيقها..بالتعاون مع الهيئات والمنظمات الدولية..بعد اعتمادها من قبل الأممالمتحدة كوثيقة علمية وعالمية وحضارية واجبة التطبيق.. ** وإن كنت أتمنى أيضا أن يسبق هذا العمل التاريخي المطلوب..تحرك مسؤول من قبل علمائنا..ومفكرينا..وساستنا من المسلمين للتحرك بسرعة لاحتواء التوجه الحالي..بطرح قضية الجهاد بصيغتها "المغلوطة" و"الملتبسة" قبل أن يشب حريق جديد..في جسد الأمة والعالم بفعل تجدد تلك الدعوة الملتبسة من جديد بعد الضربات الشديدة التي تلقاها الإرهاب في السنوات الأخيرة..وبعد نجاحات جهود الدول العربية والإسلامية في احتواء آثار الأعمال الإرهابية السابقة التي كادت تدخل العالم في أتون حرب كونية مدمرة..والله المستعان.. *** ضمير مستتر: **(لا خير في أمة..تعلّق مصيرها..بمن يقودونها إلى الدمار).