تحديد النسل أمر يعود للزوجين معا، لا لأحدهما، فالزواج عقد بين طرفين، وقد قال أحد الصحابة: (كنا نعزل والقرآن ينزل - البخاري 5 - 1998) لذا سأتحدث عن (الانفجار السكاني في عالمنا العربي والدعوة إلى تحديد النسل). نكتة يرددها بعض المثقفين العرب تنم عن عدم وعي.. وتفصح عن أنانية أيضاً، ولا أدري هل هؤلاء يعيشون على كوكبنا أم على كوكب آخر..؟ هل يعرف هؤلاء المثقفون دولا اسمها الدول المتقدمة تعداد بعضها بمئات الملايين؟ الغريب أن معظم من يتحدث عن ذلك، كتاب يعشقون تلك الدول، وبعضهم تخرج منها. لن أضرب مثالا بوطننا العزيز نظرا لأننا لا نعاني من كثرة السكان مقارنة بمساحتنا (شبه قارة)، دعونا نأخذ مثالا من الدول العربية ذات الكثافة السكانية (كما يزعمون):أحدها يتجاوز سكانها (70 مليون نسمة) بقليل، والكثير من مثقفيها يدعون لتحديد النسل، ويولولون من الانفجار السكاني هناك. على الشاطىء الآخر من العالم هناك (اليابان): عدد سكانها أكثر من (140 مليون نسمة)، ولم نقرأ أن الانفجار السكاني هو أكبر هواجس مثقفي اليابان، المفارقة هنا أن مساحة هذه الدولة العربية أكبر من مساحة اليابان ثلاث مرات، أما المحير فهو أن 80% من مساحة اليابان لا يصلح للسكن، أي أن اليابانيين يعيشون على 20% منها، فتكون النتيجة: أن (140) مليون ياباني يعيشون على مساحة أقل من 7% من مساحة تلك الدولة العربية، ومع هذا لم يجعلوا ضيق المساحة أو كثرة السكان مبررا لأي تقصير، رغم تعرض اليابان للزلازل سنويا وخلوها من الثروات سوى الإنسان -الثروة. ما الذي يحدث في عالمنا العربي وما الذي يحدث عندهم؟ ولم ينحز بعض المثقفين العرب للتخلف؟ الأمر باختصار هو أن نوعية هذا المثقف العربي (مبسوط)، ونظرته للأمور لا تتعدى مصلحته الشخصية، ولا يهمه الوطن في شيء، لذا فكل مولود في وطنه يعني بالنسبة له فم يريد اقتسام الخبز مع أولاده، وهو لا يريد أن يرى هذا المشهد الكريه، وبدلا من أن يطرح أفكارا لإنتاج المزيد من الخبز وتوفير المزيد من الوظائف، يلف ويدور حول أرغفته (من يتذكر منكم ذلك الكاتب العربي الشهير الذي أنجبت زوجته ثمانية أولاد، بينما كان في كتاباته من أكثر المنادين بتحديد النسل!!) أما المشهد في تلك الدول المتقدمة فهو أن المثقف يرى في كل مولود جديد عقلاً واعداً، ومكتشفا قادماً.. كل مولود بالنسبة له مشروع نقلة للوطن، وهو بأحر الشوق له، ولذا تدفع فرنسا وأمثالها لمن ينجب أكثر، بل يقومون بعرض جنسياتهم على أي إنسان يرون فيه نقلة علمية لهم، ولذلك أيضاً يفتي حاخامات إسرائيل بتحريم تحديد النسل، ويغرون اليهود في الخارج بمساكن جاهزة ومستوطنات مرفهة. أخيرا إليكم هذا المثال البائس: طفل عربي في المرحلة الابتدائية، صنف على أنه من أذكى الأطفال في العالم، أتدرون ما الذي حدث له؟: بعد مداولات بين مثقفي وزارة التعليم في بلده قرروا نقله إلى المرحلة المتوسطة، ولما وصلت أخباره لعشاق العقول والعلم في (كندا) عرضوا على والده استقباله مع أسرته مع مرتبات وسكن وتكفل بكافة المصروفات مقابل أن يتخلى عن جنسيته العربية، ومع ذلك فقد رفض والده الطبيب، لأنه يرى أن وطنه أولى به. ترى لو كان ذلك الطفل ابنا لأحد مثقفي (الانفجار السكاني) هل سيتردد في التخلي عن جنسيته الأم؟ وهل سيكتب لنا من هناك عن خطر الانفجار السكاني في وطنه الجديد؟