عندما انطلقت شبكة قنوات راديو وتلفزيون العرب قبل عدة سنوات كتبت في هذه الجريدة مقال قلت فيه أنها اسم على غير مسمى لأنها كانت نسخة غير جيدة من القنوات المصرية ولم تكن تخاطب العرب باختلاف ميولهم كما خطط لها أن تكون وقدمت في ذلك المقال الأشبه بالتحقيق تصورات حول الشكل الذي نتمنى أن تكون فيه تلك القنوات لتكون موجهة لكل العرب وأثار المقال رئيس تلك القنوات وطلب من مستشاريه الرأي فيما كتب فمنهم من قال أن كاتب المقال صحفي حاقد وليس ناقداً ومنهم من قال إنه منتج ويحتاج لأن يتعاون مع قنواتنا وشراء بضعة أعمال كفيلة بإسكاته ومنهم من قال غير ذلك، ولكن الشيخ صالح كامل كان له رأي آخر وهو أن كاتب المقال إعلامي محب لوطنه، ولهذا كتب ما كتب وعلينا أن نأخذ منه المفيد وفي ما كتب الكثير وأرسل لي مشكوراً رداً كتابياُ يؤكد ذلك وحتى يومنا هذا لم أتعامل مع راديو وتلفزيون العرب كمنتج بأي عمل رداً على من قال مقولة المنتج الذي يمكن إسكاته بالتعاون معه ويمتد ما نكتب أنا وزملائي وصولاً إلى القنوات التي تهم المشاهد السعودي في المقام الأول مثل مجموعة MBC وروتانا والتلفزيون السعودي الذي أصبح بعدد تسع قنوات وتحوّل إلى شبكة القنوات السعودية. إلا أن وضعي ليس مثل غيري من الزملاء عندما أكتب فأنا أطمح أن يسمع صاحب القرار ما أقول دون تأويلات حاقد ومنتفع، ولهذا ألتزم الصمت في بعض الأحيان ويسعدني أن يتطرق للكثير مما أود الكتابة عنه بعض الزملاء، وهذا ما حصل مع مقال الزميل محمد الرشيدي الذي تحدث بحس وطني عن تطلعاته للقنوات السعودية الجديدة ورد عليه معالي وزير الإعلام ليؤكد أنه إن شاء الله سيربط الكيف بالكم وهنا أشكر الوزير الذي تجاوز النوايا التي عادة ما يفترضها من هم دون صاحب القرار. نحن ولا شك نطمح في قنوات سعودية تمس احتياجاتنا وواقعنا وتطلعاتنا وآمالنا وتعكس كل هذا من خلال ما تقدمه من برامج، ولهذا نقول أن مهمة معالي الوزير شاقة للغاية لعدة أسباب لعل من أهمها أن تكون صناعتها سعودية وأن تكون موضوعاتها في المقام الأول ملبية لتطلعات هذا الوطن ومواطنيه والمقيمين على أرضه، ولهذا نقول أن المهمة صعبة فيمكن تأسيس قنوات وشراء إنتاج الغير والبث على مدار الساعة، ولكن المشاهد يبحث عن التميز وهنالك الكثير من القنوات المتخصصة والمتميزة والتي لا يمكن أن يتركها المشاهد لمجرد وجود قنوات متخصصة وطنية فالعين ليست كالأرض التي نعيش عليها إنها مركب يتجول في كل مكان، ولهذا أقول أن مهمة وزير الثقافة والإعلام في إنجاح هذه القنوات بهذه المواصفات صعبة للغاية فالصناعة السعودية تحتاج إلى الكثير من الكوادر المؤهلة وإعلامنا للأسف الشديد غاب لعقود من الزمن عن تطوير الكفاءات الموجودة فيه وعدم قدرته على استقطاب الكثير من خريجي الإعلام الذين ذهبوا إلى مجالات أخرى، ولهذا من المهم أن يواكب تأسيس القنوات تأهيل شامل للكوادر الإعلامية السعودية سواء داخل الوزارة أو خارجها بصفة أن ممتهني الإعلام مكملون لبعضهم البعض، ولهذا أنصح بالإضافة إلى الابتعاث والدورات الخارجية والداخلية بالاستعانة بالمدرب الأجنبي لبعض الوقت في الإخراج والتقديم والديكور حتى يتمكن من تطوير القدرات، وفي المقابل فإنك عندما تؤهل فلن تستطيع أن تحتفظ بمن قمت بتأهيله ما لم يكن هنالك مقابل مادي مجز لهم فلا يصح مثلاً أن نمنح شركات الإنتاج العقود بالملايين في مقابل أجور زهيدة لمن يعملون داخل أروقة التلفزيون لمجرد أنهم يعملون في الوزارة فيفترض أن المرتب الذي يتقاضاه الفرد منهم يغطي جزءاً مما يقدم وأن يكون هنالك مقابل آخر جراء أي إنجازات أخرى، وهنا سيكون التلفزيون خلية عمل على مدار الساعة وسيكون التنافس على أشده بين هذه العناصر المؤهلة والمدربة لإظهار كفاءتها المعطلة لعدة سنوات. وللحديث بقية.