سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«ساما» تجددّ تمسكها بربط الريال بالدولار الضعيف ولا جديد حيال تشددّ سياسة البنوك الإقراضية الجاسر : البنوك ليست جمعيات خيرية... رجال الأعمال: نحن لا نبحث عن صدقات جارية
لم يخرج اجتماع محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد الجاسر مع رجال الأعمال السعوديين والذي عقد أمس في مجلس الغرف السعودية ، بأي جديد ولم يحقق أي نتائج ايجابية على صعيد سياسة البنوك الإقراضية وتشددّها مؤخراً في منح الائتمان للقطاع الخاص بعد نشوء الأزمة المالية العالمية . وردّ الجاسر على مطالب قطاع المال هذه بالقول :" البنوك ليست جمعيات خيرية ..هي تستقبل وتعمل بودائع المواطنين والمقيمين والجهات الحكومية ويجب أن تقرض هذه الأموال بالشكل الحصيف ، إلا أن عدداً من رجال الأعمال شددواّ على أنهم لا يبحثون عن صدقات جاريه وأنهم يرون أن تحفظ البنوك في تمويل القطاع الخاص لا مبررّ له ، مطالبين بضرورة فتح باب الاستثمار في القطاع المصرفي للمستثمرين المحليين والأجانب ". ولفت الجاسر إلى أهمية النظر إلى الطبيعة الخاصة للقطاع البنكي الذي يتلقى ودائع في غالبها قصيرة الأجل ويمنح قروضاً ذات آجال أطول ، مماّ يعني أهمية مراعاة كافة المخاطر ومنها مخاطر عدم توافق آجال الأصول والخصوم ". وتابع :" هذا يحتمّ على البنوك اتخاذ جانب الحيطة والحذر عند إدارة المخاطر خاصة في أوقات الأزمات ، مستبعداً وجود ترددّ من البنوك في منح التسهيلات المطلوبة من قطاع المال في حال تمت تلبية متطلبات إدارة المخاطر خاصة المعايير ذات العلاقة بملاءة المقترض وجدوى المشروع ". لكنّ الجاسر الذي أعاد أكثر من مرة التأكيد على أنه ليس في موقف الدفاع عن البنوك السعودية ، شددّ على البنوك المحلية لا تزال تساهم بشكل كبير في تمويل أنشطة القطاع الخاص ، مبيناً أن حجم الائتمان البنكي المقدم للقطاع الخاص في نهاية نوفمبر من العام الجاري بلغ نحو 723,4 مليار ريال وهو ما يشكل 159,7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للقطاع الخاص بالأسعار الجارية وحوالي خمسة أضعاف حجم القروض القائمة الممنوحة من صناديق التنمية الحكومية البالغة 147,4 مليار ريال في نهاية الربع الأول من هذا العام . وقال الجاسر الذي كان يخاطب جمعاً من كبار رجال الأعمال ، إن القروض الانتاجية نمت بمعدلات متزايدة ، في حين استقرت معدلات نمو القروض الاستهلاكية ، مشيراً إلى أن هذا يحمل دلالات إيجابية على توجه البنوك المحلية لمنح القروض الانتاجية ، مستشهداً بحجم القروض التي منحت في 2009 لقطاع المقاولات والتي بلغت 156 مليار ريال ". وذكر الجاسر أن متوسط نسبة النمو السنوية لإقراض البنوك للقطاع الخاص خلال السنوات الثلاث الماضية تجاوز 19 في المائة ، بينما لم يتجاوز متوسط نسبة النمو في الناتج المحلي للقطاع الخاص خلال الفترة نفسها نسبة 4,2 في المائة ، كما أن معظم الائتمان الممنوح من البنوك موجه لقطاع الشركات بأنشطتها المختلفة . غير أن الدكتور الجاسر أكد أن أهم نقاط الضعف في سياسة الاقراض التي تنتهجها البنوك تتمثل في عدم اقراض المنشآت الصغيرة ، مطالباً بضرورة أن يكون هناك تكاتف من قطاع الأعمال والجهات الحكومية ذات العلاقة لتذليل هذه العقبات . وحول سياسة سعر الصرف وتثبيت قيمة الريال أمام الدولار الأمريكي الضعيف، جددّ محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد الجاسر تمسكّ المملكة بربط عملتها بالدولار ، موضحاً للمطالبين بتغيير هذه السياسة من رجال الأعمال بأن اختيار الدولار لم يكن لأسباب عاطفية أو سياسية ولكن لأسباب اقتصادية لا تزال قائمة من أهمها أن معظم صادرات المملكة تُقيم وتدفع بالدولار الأمريكي ، كما أن حوالي ثلثي واردات المملكة تسعر وتدفع قيمته بالدولار ، و 60 في المائة من احتياطيات العالم مقومةّ بالدولار ". وأضاف :" هناك تأثير إيجابي على وضع المالية العامة للدولة ، وذلك من خلال المحافظة على قيمة إيرادات النفط باعتباره مصدراً أساسياً للدخل وتمويل ميزانية الدولة ، كما أن الدولار يعدّ العملة التي تتداول وتسعر بها معظم السلع الرئيسية عالميا بما فيها النفط والغاز ، إلى جانب أنه يمثل حوالي ثلثي الاحتياطيات العالمية ، وهو عملة التدخل الرئيس في العديد من الأسواق المالية الإقليمية والدولية". وفيما يتعلق بنهج مؤسسة النقد وأدائها للسياسة النقدية ، شددّ الجاسر على أن "ساما" تمكنت من تفعيل الأدوات المتاحة واستمرت في نهجها المتبع وهو مجابهة الدورات الاقتصادية بالتناغم قدر الإمكان مع السياسة المالية ، مضيفاً :" تعاملت المؤسسة خلال السنوات الثلاث الماضية مع أحداث متناقضة ، إحداها فترة الانتعاش الاقتصادي غير المسبوق محلياً وعالمياً وما اتسمت به تلك الفترة من تدفقات سيولة عالية لقنوات الاقتصاد المحلي وضغوط تضخمية ومضاربات على سعر الصرف ، والأخرى فترة الأزمة المالية العالمية وما تبعها من انكماش عالمي . وقال إن مؤسسة النقد تمكنت خلال المرحلتين من تطبيق إجراءاتها في مجابهة الدورات الاقتصادية واستخدام مالديها من أدوات السياسة النقدية ، فعند نشوء الأزمة العالمية اتبعت المؤسسة سياسة نقدية تهدف إلى تعزيز الاستقرار في القطاع المالي وتوفير السيولة اللازمة لتلبية احتياجات الطلب المحلي على الائتمان ، خاصة بعد انحسار الضغوط التضخمية ". وذكر أن مؤسسة النقد اتخذت في الربع الأخير من العام الماضي حزمة من الإجراءات الاستباقية لتعزيز وضع السيولة وخفض تكلفة الإقراض بهدف ضمان استمرار المصارف لأداء دورها وسيطاً تمويلياً للقطاع العائلي وقطاع الأعمال وبما يعززّ المسيرة التنموية في المملكة ". وبينّ أن المحافظة على الاستقرار النقدي والمالي في الاقتصاد الوطني يشكلّ جلّ اهتمام مؤسسة النقد عبر استخدام كافة الأدوات المتاحة وبتنسيق مستمر مع الجهات الاقتصادية الأخرى في المملكة ، حيث يتم ذلك من خلال مراقبة مؤشرات الاقتصاد الكلي وتوفير السيولة الملائمة لدعم الأنشطة الاقتصادية مع بذل أقصى الجهود للمحافظة على استقرار المستوى العام للأسعار بما في ذلك سعر صرف الريال . وشددّ على أن مؤسسة النقد تحرص على الرقابة الحصيفة لقطاع البنوك الذي يمثل عصب الاقتصاد وقطاع التأمين لأهميته في تعزيز الثقة المالية وتحجيم آثار المخاطر بأنواعها ، مشيراً إلى أن تلك الجهود أدت إلى الاستقرار الكبير في القطاع المالي في المملكة الذي تجاوز كل الظروف الإقليمية والأزمات العالمية ، وساعدت في إيجاد بيئة متوازنة للاقتصاد الكلي أكدت الثقة به وبثت الطمأنينة في الاقتصاد السعودي وساعدت قطاع الأعمال على المزيد من النمو والازدهار. ورداً حول صمت البنوك السعودية وعدم شفافيتها مع المساهمين حول إعلان مدى درجة انكشافها على الشركات المتعثرة قياساً بالبنوك الخليجية التي تعاملت مع الأزمة بشفافية أكبر، قال الجاسر إن نسبة القروض المشكوك في تحصيلها لم تتجاوز نسبة 3,0 في المائة ، كما أن نسبة نمو إجمالي الأصول البنكية تجاوزت نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي وهو مؤشر على أن نمو دور البنوك في التمويل أكبر من النمو في إجمالي أنشطة الاقتصاد المحلي ، حيث بلغت نسبة النمو السنوي لإجمالي الأصول البنكية في شهر نوفمبر من عام 2009 حوالي 6 في المائة ، في حين بلغت نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2009 نحو 0,15 في المائة . وأضاف: هناك بنوك خليجية –لم يرغب في تسميتها، استغلت هذه الأزمة لتشويه صورة المملكة بعد أن أعلنت مراراً وتكراراً درجة انكشافها على تعثر المجموعتين السعوديتين، في حين إن هذه البنوك تلتزم الصمت حيال أي قضايا تعثر في بلاد أخرى على حد قوله، مطالباً بضرورة أن يكون قطاع الأعمال دقيقاً في نقل مثل هذه القضايا .