الحضارة هي ألا تكون هناك نفايات ، وأنا أعيش جزءا من العام في باريس وجزءا آخر في جدة ، وأكثر شيء ألاحظه هو قلة النفايات في باريس وكثرتها في جدة ، في باريس توجد غرفة في البناية بها ثلاث حاويات محكمة الغلق إحداها للزجاجات والثانية للأوعية والزجاجات البلاستيكية ، والثالثة للنفايات وهي ليست بقايا أكل يتعفن ويكون مرتعا للميكروبات فالفرنسيون ليست لديهم بقايا أكل ، وكل يوم يجري إخراج هذه النفايات إلى الشارع في الساعة السابعة صباحا ، وتأتي سيارات في نفس الوقت وتأخذها ، ولذلك لا تبقى أي نفايات في الشارع ، وكل هذه النفايات تذهب بعد ذلك إلى مصانع للتدوير أما عندنا فوفقا لتقرير لجنة المرافق والمياه في مجلس الشورى فإن 90% من النفايات ترمى في الأماكن العامة ، أما ما يوضع في الحاويات فيبقى فيها ساعات طويلة يتناوب عليها الوافدون والقطط والفئران ، والنتيجة هي أن تبعثر في الأرض ، وإذ أتت سيارة القمامة فإنها تجمع وتنقل ما في الحاوية وتترك ما على الأرض الذي تختلط به المياه في هذه الأيام ويتحول إلى مزرعة لكل أنواع الميكروبات ، هذا عدا عن تكاثر الذباب والبعوض ، وأنا أستخدم كل أنواع المبيدات في البيت لمقاومة البعوض والذباب دون جدوى ، إذ ما إن ينفتح باب البيت حتى تندفع اليه أسراب الذباب والبعوض ، هذا وأنا أعيش في شمال جدة فما بالك بالمناطق في قويزة وشرق طريق الحرمين .. ولعل ما يحدث هنا وصل إلى الخارج إذ يزور المملكة هذه الأيام وفد من المفوضية الصناعية والتجارية الألمانية ليبحث مع رجال الأعمال في بلادنا إقامة مصانع لتدوير النفايات بعد أن وجد أن كميتها كافية لإقامة عدة مصانع مربحة ، فمرحبا بهم ولعلنا نجد الخلاص مما نحن فيه على يدهم .