لو أراد أي منصف أن يصف مشهد عودة سمو ولي العهد يحفظه الله وفرحة الملك بعودته وفرحة الشعب كله بهذه العودة الكريمة لكان عنوان المشهد وملخصه هو (الإخلاص)... نعم إنه الإخلاص المتجسد في العلاقة داخل هذه الأسرة الكريمة وبينها وبيننا نحن من نكون مفردات هذا الشعب الكريم. كتبت ذات مرة أن الكلمات توقفت في حلقي عندما كتب خادم الحرمين الشريفين، حينما كان ولياً للعهد، لأخيه الملك فهد -رحمة الله عليه -في إحدى زياراته الخارجية عندما أوكل إليه إدارة شؤون الدولة وتصريف أمور الشعب، فكتب له الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله رداً مؤثراً وأضاف بخط يده الكريمة (أخوك المخلص)... المخلص... عبارة كانت مليئة بالعاطفة والصدق والمحبة والتراحم الذي لا تشوبه شائبة.. تراحم لم تطغ عليه رسميات الحكم ولم تزده إلا صدقاً ووفاءً وإخلاصاً. يشهد الله أن هذه الكلمة منذ كتبها أبو متعب لازالت تتردد في ذهني وتستحضر الدمعة في عيني عندما أتبصر بمعناها، وأدرك قيمتها وصدقيتها وأقارنها بعلاقة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، باني هذا الصرح الشامخ، بوالده الإمام عبدالرحمن الفيصل طيب الله ثراه عندما كان الملك عبدالعزيز يجلس على الأرض وهو ملك ويُجلس والده على الكرسي، فما هي الكلمات التي تعبِّر عن مثل هذا المشهد. نعم لقد أخلص الملك فأخلص أبناؤه وأحفاده بارك الله فيهم وأدام عزهم. ونعم مرة ثانية إنها صور إخلاص متتابعة، لا يملك من يشاهدها أو يعيشها إلا أن يعرف أن هذا الشعب عندما فرح بعودة الأمير سلطان كان معه كل الحق لأن شموع المملكة وأحبتها هم جزء لا يتجزأ من هذا الكيان وهو بالتالي جزء من أنفسنا ومن حياتنا نحن الذين نعيش على ثرى هذا الوطن قبل أن تكون علاقة الحاكم والمحكوم. ومن رأى صاحب السمو الملكي ولي العهد وهو يزور أبناءه المصابين في المستشفى بعد أقل من (24) ساعة من عودته وإصراره على تقبيل رأس كل منهم يدرك هذا التلاحم، وهذا الإخلاص الذي بالتأكيد لا يعرف حقيقته أو يستطيع أن يقيّمه حق تقييمه إلا من يعيشه، كما نعيشه نحن هذه الأيام. فإليك يا سيدي يا ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان نهدي أزكى التحية ونهنئ أنفسنا برؤيتك سليماً معافى بحمد الله وفضله، ونسأل الله العلي القدير أن يتم نعمته عليك وأن يمتعنا بوجودك بيننا دائماً. أما أنت يا سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، يا عنوان الوفاء ونهر العطاء، لقد سجلت في تاريخنا جميعاً قدوة لن ننساها وستكون ماثلة أمامنا كلما قبلنا رأس أب وسلمنا على أخ، نعم القدوة أنت يا سيدي. أسأل الله العلي القدير أن يبارك بعمرك وعملك وأن يكلأك برعايته ويسدد خطاك بتوفيقه. وما تبقى لدي يا سيدي هو شعور في النفس لم تستطع أن تترجمه الكلمات ولا تستطيع أن تحققه حتى رموز الاتصال. حفظك الله ورعاك. * محاضر بكلية الدعوة والإعلام جامعة الإمام