قبل نحو من اربعين عاما مضت أفقت ذات صباح ووجه مدينتي الصغيرة (( صامطة )) يستفيق حينئذ بوجه صبوحي أكثر اشراقه وبهاء مما ألفت فالساحة الكبيرة التي كنا نتقاذف فيها الكرة والألعاب الصغيرة وكانت تفصل بين منازلنا ومقر الإمارة والحصن القديم وقد اختلفت شخصيتها المعتادة .. وتم ردمها وتوسعتها ورشها بالماء ومن ثم ثبتت عليها قطع من الفرش والكراسي والكنبات في جو بهي شيء (ما) يحدث في صامطة اليوم وقد سألت والدي عن الحكاية فقال يزورنا اليوم ضيف عزيز ورجل دولة من طراز رفيع هكذا فهمت كلام أبي لصغر سني حينذاك ... فقلت له ومن يكون ..!!؟ فأجاب انه الأمير سلطان وزير الدفاع ... حينما حانت ساعة الصفر بعد الظهيرة وكنا منذ طلعة الشمس وخبر غطى علي هذه الطلعة بحجم سلطان ونحن ندس اجسادنا الصغيرة بين السجف والجدران في خوف ووجل نتتظر خير قادم ومالبث ان اصطف العسكر والاخوياء في وقفة منظمة وانيقة لم نألفها حتى دلفت السيارة الاميرية تخترق الحشود المرحبة الى حيث مقر الحفل وسط تصفيق حاد والعاب شعبية ترحب بالمقدم الميمون مرة اخرى انسحبت من بين أقراني الصغار في خلف مبني الامارة القديم ومشيت الهوينا في جرأة طفولية ابحث عن وجه سلطان الذي كنا نشاهد صوره في الصحف التي تصل متأخرة ليومين او ثلاثه ولم يكن التلفاز حينها قد ولد في صامطة أسوة بمعظم أرجاء البلاد ولقد كنت ذا حظ عظيم حينما لاحت لي التفاتة لازمتها ابتسامة لم تفتر بعوامل الإرهاق والسفر وإذا به من تبحث عن قراءة ملامحه انه سلطان بن عبد العزيز الذي لا انفصام بين مهابته العالية وابتسامته الفريدة التي تعبر عن ابوية حانية وكم هائل من العاطفة والود للآخر فلما انقضى نهار الحفل خلت نفسي اسعد الناس قاطبة في صامطة في ذلك اليوم واعتقدت ان الالتفاتة الاميرية كانت مغلفة بابتسامة انيقة تدخل البهجة والفرح انما كانت لي فقط من والد الى ولده .. ولهذا فقد حضنتها في أوردتي وشراييني منذ ذاك وهذه الابتسامة التي جالت بخاطري وارتسمت في ذاكرتي خلال اكثر من اربعة عقود هي مانجده دوما من الوالد ( سلطان ) في كل محفل ومناسبة أو مؤتمر صحفي يكون لنا شرف المثول امامه فيه .. واليوم وقد عاد الى ارض الوطن رجل المسؤوليات الجسام والمهابة الرفيعة وقد البسه مولاه ثياب الصحة والعافية وسط فرحة وترحيب من اعلى القيادات السياسية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله وأشقائه ووزرائه الى اصغر رضيع في البلاد ..فقد عادت لنا ابتسامات السعادة والفرحة بهذا المقدم الميمون لسلطان القلوب وهو لقب استحقه من القلوب ... فكيف بمن كان يسبق مستقبليه من الزعماء والقادة والزوار بالابتسامة العريضة حتى وهو كان يعاني من الآم المرض وأناته. اليوم مجددا نسعد بتفضل امير التنمية الامير محمد بن ناصر بن عبد العزيز بتدشين مكرمة جديدة من مكارم ولي العهد وسلطان الخير تضاف لمكارمه التي لاحصر لها بافتتاح مشروع الاسكان الخيري بمحافظتي احد المسارحة وضمد اضافة الى مركز صحي وابار وخزانات مياه في قريتي الراحة وحصانة المحازرة فها هي بهجة محبيه تصافح ابتسامة سموه الكريم لتصنع بوتقة اللحمة والوفاء في بلد الخير والنماء ولتؤكد ان المواطن في قلب المسؤول وان الوطن هاجسه الاعظم وهدفه الامثل في توليفة اجتماعية وانسانية قل لها نظير.