بنهاية كل عام ميلادي تزدهر تجارة التنجيم وترويج النبوءات في دول كثيرة حول العالم..وقبل أيام فقط أعلنت جمعية التفكير العلمي الألمانية (المعنية بمحاربة الخرافات وتشجيع البحث النقدي) أن نبوءات المنجمين لعام 2009 كانت في مجملها كاذبة.. ومن هذه النبوءات اغتيال الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ووقوع انفجار إرهابي في برلين وفرانكفورت، وحدوث انهيار مالي في أوروبا وأزمة مالية في الصين..وقال عالم الرياضيات ميشائيل كونكل إنه من بين 140 نبوءة للمنجمين الألمان لم تصدق سوى نبوءة واحدة تتعلق بموت مايكل جاكسون (وحتى هذه الحالة لا تعد مفاجأة كونها نبوءة مستهلكة يتم ترحيلها سنة بعد أخرى منذ عام 1989) !! وغني عن القول إن قانون الاحتمالات يعطي لأي تخمينات نسبة نجاح قدرها 50% (بطريقة يمكن للسماء أن تمطر ويمكن أن لا تمطر). وإذا أضفنا لهذه النسبة الاستقراء الجيد للظروف المحيطة (مثل وجود سحب ركامية) وإخبار الناس بما يتوقعونه لأنفسهم (مثل السفر أو الحج هذا العام) يمكن للنسبة أن ترتفع لأكثر من 80% (الأمر الذي يضيف فهما أفضل لحديث كذب المنجمون ولو صدقوا الذي رغم ضعفه يظل معناه قويا وصحيحا).. على أي حال ؛ رغم نسبة النجاح المحتملة تبقى هناك نبوءات كثيرة يثبت فشلها كل عام . وفي امريكا تتخصص الصحفية جيني إميري بنشر قائمة سنوية تشبة القائمة الألمانية بالنبوءات الفاشلة .. ومن النبوءات التي لم تتحقق بنهاية هذا العام 2009 : - إعلان الدولة الفسطينية. - تفجير تمثال الحرية بعمل إرهابي. - وفاة البابا . - قيام ثورة في كوبا وقتل فيديل كاسترو. - إعلان أوبرا وينفري خطوبتها المفاجئة. - اكتشاف الصينيين طبقاً طائراً مهجوراً ! - أوجي سمبسون يندم ويعترف على الهواء بقتل زوجته السابقة. - كوريا الشمالية تغزو كوريا الجنوبية. - تفجير في الهند ووقوع حرب مع باكستان. وكانت جيني إميري قد نشرت في مطلع عام 2000 قائمة بأشهر النبوءات الفاشلة خلال القرن العشرين (من ضمنها نزول أول رجل على المريخ، واستقلال ولاية تكساس، ووقوع زلزال يحول سان دييغو إلى جزيرة، وتشكل سحابة ملوثة تجبر سكان نيويورك على المغادرة) ! وأذكر أن هذه القائمة لم تتضمن أحداثا وقعت خلال عقد التسعينات (أوضح من عين الشمس) مثل تفكك الاتحاد السوفيتي وحرب الخليج واتحاد الألمانيتين ..أما قائمة نبوءات 2001 فلم تتضمن تفجيرات نيويورك (التي يفترض أن لا تخفى على أي منجم مبتدئ) في حين لم تتضمن قائمة 2002 و 2003 حدثين عظيمين تمثلا في غزو أفغانستان واحتلال العراق!! ...وما يدهشني أكثر هو تغلغل فكرة التنجيم في الأوساط السياسية الغربية؛ فالزعيم الألماني أدولف هتلر كان مثلا يؤمن بالتنجيم وكان لديه منجمه الخاص. ولعلم المخابرات البريطانية بوجود هذا المنجم اخترعت سلاحها المضاد (منجم إنجليزي أصيل يتنبأ بما سيتنبأ به عراف هتلر).. أما الرئيس الامريكي ريغان فكان يحدد تحركاته بناء على نصائح منجمة مشهورة وردت قصتها كاملة في كتاب "عرافة في البيت الابيض".. أما رئيسة وزراء بريطانيا مارغريت تاتشر فاعترفت علنا انها استشارت بعض المنجمين في قراراتها الشخصية .. وبعد وفاة الرئيس الفرنسي ميتران اتضح استعانته بالمنجمين لتحديد تحركاته السياسية والشخصية مثل الاعتراف بابنته غير الشرعية... أما من الجانب الآخر .. ومقابل كل هؤلاء الزعماء (والمتعلمين) هناك شاعر يدعى لبيد بن ربيعة (لم يتخرج من كامبردج وهارفارد) قال قبل 1400 عام : لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى // ولا زاجرات الطير ما الله صانع