في عصر تدويل التعليم العالي تسعى الدول لتحقيق الريادة في جوانب متعددة، وقد حققت المملكة العربية السعودية الريادة في عدد من المجالات؛ وخطت في ظل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله – خطوات كبيرة مما جعل لها مكانة عالمية، وجعل من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله الرجل الأول في جائزة الملك خالد للإنجاز الوطني؛ بما حققه من إنجازات عظيمة في مجال تطوير التعليم العالي، ورفع مستواه، وتحقيق الريادة العالمية السعودية في فترة وجيزة، فاتجهت المملكة وجهة جديدة لتحقيق ريادة في «التصنيفات العالمية للجامعات»، وأطلقت وزارة التعليم العالي «برنامج الريادة العالمية للجامعات السعودية»، مما جعل الجامعات السعودية تسعى نحو تحقيق ريادة ضمن هذا البرنامج، ونحن بحاجة لفهم عميق لمعايير تلك التصنيفات؛ حتى يتسنى للجامعات السعودية أن تحقق ترتيباً متقدماً في تلك التصنيفات، وأن يتحول ذلك التنافس إلى جودة واضحة في التعليم الجامعي السعودي. إن التصنيف العالمي ترتيب للجامعات من حيث المستوى الأكاديمي، يعتمد على مجموعة من الإحصاءات أو تحكيم من الخبراء، أو تقييم الموقع الإلكتروني من قبل خبراء أو غير ذلك من المعايير، التي تسهم في تنمية الدور الأكاديمي للجامعات، وتسعى لتحسين مستوى المخرجات والوصول إلى معايير الجودة العالمية. وقد تعددت تلك التصنيفات، وتنوعت معاييرها، وبرزت من تلك التصنيفات تصنيف شنغهاي الصيني لأفضل 500 جامعة عالمية، وقد وضع عدة معايير منها: جودة التعليم، ونوعية أعضاء هيئة التدريس، والإنتاج البحثي، ونجد كذلك تصنيف التايمز البريطاني لأفضل 500 جامعة عالمية، ومن معاييره: جودة التعليم، جودة البحث، وتوظيف الخريجين، وتقويم النظراء. ومن التصنيفات المهمة يبرز تصنيف الويبومتركس الأسباني حيث يعتمد على معايير منها: حجم الموقع الإلكتروني، وما يحوية من ملفات ومعلومات ومحركات للبحث، وتقييم علماء جوجل، وغير ذلك من المعايير. هذه أبرز التصنيفات، وتليها تصنيفات أخرى مهمة منها: التصنيف العالمي المهني للجامعات لأفضل 500 جامعة عالمية، وتصنيف مجلة النيوزويك الأمريكية لأفضل 100 جامعة عالمية، والتصنيف الدولي للموقع الإلكتروني للجامعات على الشبكة العالمية لأفضل 500 جامعة عالمية. وتجدر الإشارة إلى أن هذا التصنيف الأخير يهتم بقياس مدى شهرة المواقع الإليكترونية للجامعات ويشترط أن تكون قد نالت اعترافاً أو اعتماداً أكاديمياً من منظمات أو هيئات دولية أو وطنية؛ مما يرد قول القائلين بأن التصنيفات لا تُعنى بالاعتماد الأكاديمي، وأنها لا تعدو أن تكون حمى لا تقدم للجودة الأكاديمية شيئاً! فنحن نؤمن أن السعي لتحقيق ترتيب عالٍ ضمن التصنيفات العالمية هو عمل مهم، فهو بلا شك سيعزز من جهود الجامعات، ويرفع مستوى اهتمامها فيما تطرحه من مبادرات ومشروعات، وستحرص الجامعات على الجودة والاعتماد الأكاديمي، هذا بالإضافة للاهتمام بالمواقع الإلكترونية كواجهة أساسية للجامعات فيما تقدمه من خدمات؛ مما ينعكس أثره على المستفيدين منها أساتذة وطلبة، ومجتمعاً خارجياً. وفي عام 2007م بدأت الجامعات السعودية تدخل في التصنيفات العالمية الشهيرة، محققة مراتب متفاوتة؛ ففي تصنيف الويبومتركس الأسباني ظهرت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن محققة المركز 638 ، وظهرت عدة جامعات سعودية أخرى مثل: جامعة الملك عبدالعزيز، وجامعة الملك سعود، وجامعة الملك فيصل، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. وفي عام 2008م تقدمت الجامعات السعودية عدة خطوات في التصنيفات العالمية، فرأينا أول جامعة سعودية تدخل تصنيف التايمز البريطاني، وهي جامعة الملك فهد للبترول والمعادن 338 عالمياً، ورأينا تقدماً في تصنيف الويبومتركس الأسباني، حيث حققت جامعة الملك سعود المركز 380، إضافة إلى تطور في ترتيب الجامعات الأخرى في التصنيف ذاته. وشهدت المملكة عام 2009م تطوراً كبيراً في التصنيفات العالمية، ودخلت جامعة الملك سعود تصنيف شنغهاي الصيني، كأول جامعة سعودية وعربية، بمركز 402 عالمياً، بالإضافة لتقدمها في تصنيف التايمز 247، وهو التصنيف الذي حققت فيه جامعة الملك فهد للبترول والمعادن المركز 266، في حين حصلت جامعة الملك سعود في الويبوماتركس على المركز 197، وشاركها عدد من الجامعات في هذا التصنيف بمراكز متفاوتة. لقد شاهدنا اهتمام العالم بهذه التصنيفات، وقرأنا في الصحف المحلية والدولية عدداً لا بأس به من المقالات والأخبار الصحفية عن تلك التصنيفات، ويجدر بنا أن نضع رؤية مستقبلية لتحقيق ريادة عالمية مشرفة لجامعاتنا السعودية في ظل ما يلقاه قطاع التعليم السعودي من دعم سخي من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله فارس تلك الريادة، وما تلقاه الجامعات من برامج تطويرية ومشاريع تنموية من وزارة التعليم العالي، ومن المناسب التخطيط لوضع معايير التصنيفات العالمية موضع التطبيق في جامعاتنا السعودية، والعمل على العناية بالجودة، والاعتماد الأكاديمي، والعناية بالمواقع الإلكترونية؛ لتحقيق المراكز العالمية في تلك التصنيفات، حتى تحوز المملكة –بإذن الله- على ريادة تعليمية تضاف إلى ريادتها في المجالات الأخرى. وكانت أبرز تلك الخطوات نحو تحقيق الريادة في التصنيفات العالمية برنامج «الريادة العالمية في الجامعات السعودية» الذي أطلقته وزارة التعليم العالي الفترة الماضية، ومن هنا فإننا بداية نهنئ مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله على هذا التميز، وبجدارته بالفوز بجائزة الملك خالد للإنجاز الوطني لهذا العام، ثم نزجي وافر الشكر لمعالي الوزير الأستاذ الدكتور/ خالد بن محمد العنقري على هذا الدعم السخي، والبرنامج المتميز، والشكر لمعالي نائبه الأستاذ الدكتور/ علي العطية الذي ما فتئ يعمل على دعم البرامج والخطط لتطوير التعليم العالي.. وإننا نتطلع إلى أن تراجع الجامعات السعودية أوضاعها، وتعيد تحديد أهدافها بما يتواكب مع النهضة الملموسة في قطاع التعليم في المملكة. *عميد معهد الأمير نايف للبحوث والخدمات الاستشارية