في أواخر القرن الماضي أمر سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بتكوين لجنة لدراسة مشكلة الازدحام المروري في مدينة دبي، وخرجت اللجنة بثلاثة بدائل لعلاج المشكلة: إما توسعة الطرق الرئيسة، أو فرض رسوم على استخدام الطرق المزدحمة، أو إنشاء شبكة قطارات داخل المدينة. وعندما عرضت البدائل على الشيخ محمد بن راشد لاختيار أحد البدائل، أمر الشيخ بتنفيذ كل الخيارات وسط استغراب كل الحضور. قال لهم: لو وسعنا الطرق؛ فسنضطر بعد عدة سنوات إلى فرض رسوم على بعض الطرق، ولن يكون ذلك كافياً حتى نجد أنفسنا مضطرين لإنشاء شبكة قطارات. فماذا ننتظر؟ وضعت حكومة دبي بقيادة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أهدافاً محددة لتحقيق التنمية حولتها من مدينة ساحلية صغيرة إلى مدينة عالمية تستقطب أغنياء العالم. لقد فرضت مدينة دبي نفسها على الساحة العالمية، وأصبح لها ثقل اقتصادي يؤثر في أداء الأسواق العالمية واقتصادات الدول الصناعية الكبرى. أزمة مديونية دبي ستؤثر في وتيرة نمو المدينة، ولن يستمر التأثير لأكثر من عامين على الأرجح، لكن مدينة دبي ستظل، وسيظل معها الحلم العربي في تكوين مدينة عربية عالمية نموذجية. بل إن مدينة دبي أصبحت الحلم العالمي في قلوب الطموحين في مختلف أرجاء العالم الذين يتمنون الحصول على فرصة عمل للعيش فيها. لقد شكك الكثيرون قبل عقد من الزمان في نجاح نموذج دبي الاقتصادي الذي يقوم على نظرية جانب العرض (دع العرض يخلق الطلب)، لكنهم أصيبوا بالذهول في السنوات الأخيرة حين رأوا أن دبي بدأت تحقق أعلى معدلات النمو بين مدن العالم. ويدرك الجميع أن أزمة مديونية دبي ناتجة عن الأزمة المالية العالمسة التي صعبت من شروط الحصول على التمويل وإعادة التمويل. وستواجه المدينة بعض المشاكل في الحصول على تمويل متوسط الأجل، لكن اقتصادها الحقيقي لن ينهار، وستبقى دبي تلألئ سماء الخليج بأطيافها العالمية.