كم من معاناة انتهت .. وكم من أسير فك قيده .. وكم من حسرات ندم عفى عنها .. وكم من دعوة صادقة وجهت .. في ساحات القصاص يختلط أنين الندم ودموع الحسرة .. وتمتزج صيحات التوديع مع قرب يوم طال انتظاره .. يقول تعالى:(مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَل النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا). وجاء في حديث أبي موسى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، ويَقْضِي اللهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَاءَ" (أخرجه مسلم). وعلى ذلك فإن الشفاعة عند أهل المقتول من مقاصد الشرع الحنيف، ومن أعظم القرب عند الله إذ يقع به عتق رقبة مؤمن من القتل، وصون لنفسه من التلف، وعون لأهل المقتول باحتساب الأجر والثواب عند الله بالعفو، وهذا عين تحقيق قوله تعالى:( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى).. فعندما يشتد ظلام مساء محزن يُنتظر إشراقة صبح مفرح فلعل الأمل يتحقق ويأتي سببا للفرج والفرح والأمل بعد الله لازال موجودا بجهود رجال بذلوا بصمت واجتهدوا بالسر ابتغاء الأجر والثواب من الله سبحانه .. والدليل على ذلك جهود صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام حفظه الله مع الكثير ممن واجهوا حكم القصاص وعانوا رهبة يومه، فكان لتلك المساعي الحميدة الأثر الكبير في قلوب من كان يحتاج للشفاعة واعتاق رقبته من حد السيف، بعد غلطة او وسوسة شيطان رجيم. فكم سمعنا ونسمع عن شفاعة وقف خلفها سمو ولي العهد بالسر إلى أن انتهت بالتنازل في العلن، وكم من وساطة قام بها وتكللت باعتاق رقبة في شتى مناطق المملكة. ففي ساحات القصاص تتعالى الأصوات مناشدة أهل الدم العفو عن ابن أو قريب، وكم من دمعة وقفت حبيسة تنتظر الفرج فمسحتها وساطات سلطان الخير. وكم من دعوة صادقة لسمو ولي العهد بعدما تحقق أملها بنبأ عفو أو تنازل بعد تدخله ووساطته.