مع مشاريع ملغاة وورش متباطئة ووحدات سكنية فارغة، يبدو ان "لؤلؤة الخليج" دبي تدفع ثمن الفورة العقارية الحادة التي غذتها الاستدانة والمضاربة. وقال الموظف اللبناني وسام خوري (35 عاما) "أن الشقق كانت تباع في دبي مثل سراويل الجينز في 2007. وأضاف "كانت تباع العقارات على الخارطة في أكشاك داخل مراكز التسوق والوسطاء العقاريون كانوا يؤكدون للشارين أنهم سيتمكنون من الحصول على أرباح تصل الى 40% في غضون سنة". وأقدم الأجانب الذي يشكلون غالبية سكان دبي، على شراء العقارات بكثافة في الإمارة مستفيدين من قانون صدر في 2006 وسمح بتملك الأجانب في بعض المناطق، فيما كانت غالبية الصفقات تتم قبل أن تبدأ اعمال الحفر في ارض المبنى المزمع إنشاؤه. فحلم الجميع في دبي كان شراء شقة في منطقة المارينا التي تعج بالأبراج أو على جزيرة النخلة الاصطناعية، وذلك ليس للسكن في العقار بالضرورة، بل لبيعه بعد أشهر أو أيام، أو حتى ساعات، مع تحقيق ربح. وغذت هذه الظاهرة التي تحولت الى فقاعة انفجرت مع اندلاع الأزمة المالية العالمية، الاستدانة المكثفة من قبل المستثمرين والمقاولين على حد سواء، مع العلم أن اكبر شركات البناء في دبي تملكها حكومة الإمارة كليا أم جزئيا. ولكن المشاريع على الخارطة تحولت الى حقيقة في كثير من الحالات مع الانتهاء من بناء أعلى برج في العالم واكبر جزيرة اصطناعية في العالم هي جزيرة نخلة الجميرا لشركة نخيل العقارية. وكانت دبي أعلنت الأربعاء أنها ستطلب من دائني مجموعة دبي العالمية التي تملكها، لاسيما دائني شركة نخيل العقارية التابعة لها، تجميد الاستحقاقات المالية لمدة ستة أشهر، مع العلم أن اقرب الاستحقاقات حيث صكوك إسلامية لنخيل بقيمة 3,5 مليارات دولار تستحق في 14 كانون الاول/ديسمبر. وبعد أن انخفضت الأسعار بنسبة تصل الى 50%، بدا وضع السوق العقاري وكأنه يتجه نحو الاستقرار والتحسن، إلا أن الصدمة الجديدة التي تسبب بها إعلان دبي المفاجئ عاد ليقض مضجع القطاع العقاري مع مخاوف من مزيد من التدهور. وشكك نيكولاس ماكلين مدير شركة "سي بي ريتشارد اليس ميدل ايست" العقارية بصوابية "الطريقة التي مولت من خلالها المشاريع العقارية" لاسيما عبر بيع الوحدات قبل إنشائها. وقال ان "الناس كانت تقترض المال لدفع 10% من ثمن الوحدة ظنا منها أنها يمكن أن تبيع الوحدة نفسها وتحقق الربح قبل أن تستحق الدفعة الثانية". وأضاف انه مع حلول الأزمة المالية العالمية في خريف 2008، "توقف عدد كبير من المنفذين عن سداد استحقاقاتهم لان زبائنهم توقفوا عن تسديد الدفعات العقارية". وذكر أن أكثر المتضررين هم "المستثمرون الصغار الذين لا خبرة لهم". فخليل راضي، وهو استشاري لبناني في الرابعة والأربعين من العمر اشترى فيلا في اب/أغسطس 2008 ب4,6 ملايين درهم (1,25 مليون دولار). وقال "لقد اشتريت لأنني لم أكن أجد فيلا لاستأجرها كما أن الإيجارات أصبحت جنونية ووجدت أن الاستدانة سهلة، فكان يكفي أن أقدم شهادة براتبي". والآن لا يخفي راضي ندمه لشراء الفيلا التي "تساوي حاليا 55% من الثمن الذي دفعته لشرائها" والذي يتعين عليه أن يسدد أقساطه على مدى 19 عاما. والآن تنتشر لافتات "للبيع" أو "للإيجار" على مبان بحيلها بينما تباطأت الورش التي كانت تعمل ليلا نهارا في السنوات الماضية. كما تزامن تسليم عدد كبير من الوحدات مع الأزمة الاقتصادية وانحسار الطلب، مما فاقم أزمة العقارات في دبي. وذكر ماكلين أن "50% من مشاريع الشركات العقارية التابعة لحكومة دبي معلقة أو مؤجلة". وفي غياب أرقام دقيقة عن الشقق الفارغة، يؤكد ماكلين أن "العرض يفوق حاليا الطلب لان عدد سكان دبي" لم يعد يزيد بالوتيرة نفسها التي سجلت في السنوات الماضية، والتي كان يسعى المقاولون لمواكبتها. وذكر ماكلين أن عدد سكان الإمارة الذي يقدر حاليا ب1,7 مليون نسمة، كان يزداد بمقدار 300 ألف نسمة سنويا في آخر سنوات الفورة. وإذ توقع ماكلين أن "تنخفض أسعار العقارات أكثر" بسبب الازمة المتجددة في دبي، إلا انه رأى في ذلك عاملا مشجعا للشركات الجديدة التي تود أن تتخذ من دبي مقرا لها. وقال انه "بالرغم من كل هذا، تبقى دبي أفضل مكان للعيش في الشرق الأوسط".