شرّعت كارثة سيول جدة التي شهدتها عروس البحر الأربعاء الماضي بوابات أسئلة لا تنتهي فالأربعاء الذي سبق عيد الأضحى المبارك كان مأساوياً ومروعاً ولم يفق سكان العروس منه حتى اللحظة فبخلاف افساد الكارثة لبهجة العيد الذي اعدّ له الأهالي من كافة المناطق والأحياء أجندة من الأفراح والأهازيج استحال الى سرادق عزاء بدلاً من أماكن تحتضن فرح الأطفال وشغبهم الطفولي. وقد اطلّت استفهامات عديدة برأسها تبحث عن إجابة شافية لما حدث ففي الوقت الذي اعتمدت فيه امانة هذه المدينة الحالمة ملياري ريال لخطة تصريف مياه الأمطار وجدت تلك العروس نفسها غارقة في بحر من المياه والحيرة التي غمرت كل شيء فيها لتطفو علامات الاستفهام عن مآل تلك الخطة والمبلغ الضخم الذي كان كفيلاً بحفظ حقها في الاحتفاظ ببهجة العيد. ويبدو الوضع في أمانة جدة مثيراً للاستغراب , وتحديداً فيما يتعلق بشبكات تصريف الأمطار, التي رغم تكرار أزماتها في المدينة إلا أن الأمانة لم تضع حلاً جذرياً لها, مع استمرار وعودها التي تضربها دون وفاء. ففي الوقت الذي صرح فيه أمين جدة المهندس عادل فقيه بالأمس عن وجود 70% من مساحة المدينة غير مغطاة بشبكات تصريف الأمطار, وأن الأمانة تحتاج 3 مليارات ريال لتغطية كامل المدينة, نجد أن هذا التصريح يتناقض كلياً مع ما ذكره قبل عامين مدير عام المشاريع بأمانة جدة الدكتور أحمد بانافع حين أكد أن الأمانة تنفذ في ذاك الوقت عددا من مشروعات تصريف مياه الأمطار تقدر تكلفتها مع المشاريع المستقبلية في هذا المجال بنحو ملياري ريال, مؤكداً أن اكتمال هذه المشاريع سيجعل شبكات تصريف الأمطار تغطي كامل مدينة جدة. تضارب تصريحات مسؤولي أمانة جدة يضع أكثر من علامة استفهام وتعجب حيال ما يحصل, ويثير التساؤلات عن حقيقة المليارات التي تعتمد لمشاريع نسمع عنها ولا نراها. ففي تصريحات صحفية أمس الأول, قال فقيه إن جدة تحتاج إلى أكثر من ثلاثة مليارات ريال لتنفيذ مشاريع تصريف مياه الأمطار وتغطية كامل المدينة بشبكة تصريف، فالمشاريع الجاري تنفيذها وما اكتمل من مشاريع لدرء مخاطر السيول تغطي نحو 30 في المئة فقط من جدة، أي أن هناك 70 في المئة من جدة بدون شبكات تصريف. ويتناقض هذا الكلام كليا مع ما ذكره قبل عامين من الآن وتحديدا في 17 ذي الحجة 1428 مدير عام المشاريع بأمانة جدة الدكتور أحمد بانافع أن الأمانة تنفذ في ذاك الوقت عددا من مشروعات تصريف مياه الأمطار و اكتمال تنفيذ بعض المشاريع وسيستفاد منها خلال موسم الأمطار في ذلك العام. وبين أن تكلفة المشاريع المنفذة في حينها والمستقبلية لغرض تصريف مياه الأمطار تقدر بملياري ريال وتغطي كامل محافظة جدة. وأشار بانافع في حينه أن المشروعات تتضمن مشروع تغطية مجرى السيل الشمالي بعبارات صندوقية بمراحله الثلاث ويتضمن المشروع تركيب عبارة صندوقية جديدة داخل مجرى تصريف مياه الأمطار الشمالي الحالي بدءا من شارع حائل غربا إلى شرق الطريق الدائري وسيتم تنفيذ العبارة الصندوقية الشمالية في غضون (21) شهرا عائلة متضررة وأفاد أن المشروع الثاني لصيانة وتحسين شبكات تصريف مياه الأمطار شمال جدة ويتضمن أعمال الصيانة والنظافة لشبكة تصريف مياه الأمطار ومحطة ضخ مياه الأمطار الشمالية بالإضافة إلى زيادة المقدرة التدفقية لشبكة مياه الأمطار والحد من إمكانية فيضان المياه في الشوارع الداخلية في المناطق الواقعة شمال شارع الأمير محمد بن عبدالعزيز (التحلية) وتم الانتهاء من المشروع. وأضاف انه تم الانتهاء أيضا من مشروع صيانة وتحسين شبكات تصريف مياه الامطار جنوب وشرق جدة لاحظوا كلمة جنوب وشرق جدة وتم فيه تنفيذ أعمال الصيانة والنظافة لقنوات تصريف مياه الامطار المفتوحة الشمالية والجنوبية وكذلك صيانة ونظافة شبكة تصريف مياه الأمطار الجنوبية ومحطة ضخ مياه الأمطار الجنوبية موضحا أن المشروع سيساهم في زيادة المقدرة التدفقية لشبكة مياه الأمطار ويحد من إمكانية فيضان المياه في الشوارع الداخلية في المناطق الواقعة جنوب شارع الأمير محمد بن عبد العزيز. وحول الحلول الخاصة بتصريف مياه الأمطار والسيول شرق طريق الحرمين فقد أوضح مدير إدارة الإشراف على مشاريع تصريف مياه الأمطار والسيول بأمانة جدة المهندس حسين أبو ساق أنه تم الانتهاء من تصميم الحلول وترتيبها في أولويات حسب أهميتها وتقدر الأطوال لخطوط تصريف مياه الأمطار داخل الأحياء ب 200كم تقريبا وبأقطار تتراوح من 400ملم إلى 2500ملم، تشمل خزانات ضوئية للخبر قبل عامين! سطحية وأنابيب في كل من وادي مشوب، ووادي قوس، ووادي مثوب قويزة، ووادي بني مالك، ووادي بريمان، ووادي دغبج، ووادي غيا ووداي أم حبلين. وأوضح ابوساق أن نظام تصريف مياه الأمطار والسيول الحالي بمحافظة جدة يتضمن خطوط (أنابيب) لتصريف مياه الأمطار وقنوات مفتوحة لتصريف مياه السيول ومحطات الضخ والمصبات، وبين انه تم تنفيذ العديد من المشاريع من عام 1392حتى 1428ه، ويتكون نظام التصريف من مجموعة أنظمة أولها شبكة تصريف تنقل مياه الأمطار إلى البحر بواسطة خطوط الصرف ومعظمها عبارة عن مواسير دائرية في حين أن الخطوط الرئيسية في شكل صناديق خراسانية مستطيلة الشكل ومخرجها إلى البحر والثاني القنوات المفتوحة حيث إن مدينة جدة تقع في المسطح للسهل الساحلي للبحر الأحمر وتوجد تلال من الناحية الشرقية يبدأ منها 12 واديا والثالث محطات الضخ لنقل مياه الأمطار من المدينة عبر خطوط تصريف المياه إلى البحر مباشرة عبر مصبات صرف الأمطار من خلال عدة نقاط للمصبات على طول الشاطئ . انتهى الخبر ولكن أسئلة تتقاذفها عقول وقلوب عروس البحر الأحمر عن مصير تلك الوعود والمشاريع وما الذي أفضى الى هذه الكارثة البيئية المروعة والمؤلمة.