شهدت وزارة العدل في السنوات الاخيرة ولا تزال نقلة نوعية في تطوير وتحديث الأنظمة، وتأهيل القدرات البشرية، وتوفير التقنية في كافة معاملاتها، حيث لمس المواطن مؤخراً سرعة الانجاز، واختصار وتبسيط العديد من الاجراءات، ولعل آخرها الموافقة على لائحة التفتيش القضائي، وتعنى هذه اللائحة بتشكيل (ادارة) عامة للتفتيش القضائي وآلية التقدم بالشكاوى من القضاة أو ضدهم في المسائل المتصلة بأعمالهم، وخضوع (كتّاب العدل) للتفتيش القضائي بعد ان كانت هذه الجهات تتمتع بنوع من الحصانة. وعلى الرغم من هذه المجهودات إلاّ أن هناك فجوة نظامية بين الدوائر الشرعية وبين متطلبات أفراد أو جهات اخرى في كيفية التعامل مع صكوك ووثائق هذه الدوائر، وماخرج من رحم هذه الفجوة من مواقف طريفة نستعرضها في هذا التحقيق.. "جنين" يعطل معاش أسرة! المواطن عبد الله مفرح الهقاش يعرض حالة لإحدى قريباته حصلت قريباً عندما توفي زوجها ولديها أربعة أيتام و(حمل) في بطنها طلبت منهم مصلحة معاشات التقاعد صك حصر ورثة وولاية حتى تتمكن من صرف معاشهم التقاعدي، يقول عبد الله: ذهبوا للمحكمة فامتنع الشيخ عن إصدار الصك ما لم يتبين نوع الحمل، هل هو ذكر أم أنثى أم ذكران أم أنثيان أم ذكر وأنثى أم (خرنثاء)، وبالتالي تعطل صرف معاشهم التقاعدي في انتظار خروج "المولود المنتظر!"، مؤكدا على انه لم يكن هناك توزيع تركة أو قسمة، وإنما كانت حاجتهم في الصك هو صرف مخصصاتهم التقاعدية وسد احتياجاتهم اليومية. وعلق رئيس المحكمة العامة بمحافظة الأسياح الشيخ عبدالله بن محمد العميريني على هذه القصة ذات العلاقة بإجراءات اخراج صك حصر الورثة وتقسيم المبلغ مع وجود الحمل،وقال: إنه مع وجود حمل من ضمن الورثة فانه يخرج صك حصر ارث، ويشار إلى وجود حمل لم يتبين، وعند ولادته حياً فيراجع صاحب عبد الله الهقاش الشأن ويجري اثبات نوع الحمل ويلحق بصك حصر الورثة، وعند طلب الورثة القسمة مبلغاً من التركة مع وجود الحمل الذي لم يتبين فلذلك حالتان، اما ان ينتظر بقية الورثة حتى تلد الحامل ويتبين الحمل ثم يقسم المال واما ان يطلبوا القسمة قبل الولادة فهنا يوقف للحمل الاكثر من ارث ذكرين أو انثيين أو بما يسمى (أحظ النظرين) فاذا ولد أخذ حقه وما بقي لمستحقه ومن لا يحجبه الحمل أخذ ارثه كالجدة ومن ينقصه أخذ الاقل كالزوجة والأم ومن سقط به لم يعطى شيئا. رفض استقدام حلاق (أبو عبدالكريم) مواطن في احدى المدن الكبرى ذهب لاستخراج وكالة استقدام حلاقين، واحاله رئيس كتابة العدل لكاتب العدل الاول، فاعتذر، فأحالها للثاني ثم الثالث وجميعهم اعتذروا، وأخيرا كتبها رئيس كتابة العدل!! بيع الحيلة أبو عبدالرحمن يقول اردت افراغ عقار بموجب وكالة شرعية من المالك فجئت لافراغة لأحد أقاربي بعلم من المالك، ورفض كاتب العدل افراغه واحترت في امري حتى دلني أحد موظفي نفس الدائرة إلى حيلة شائعة للتغلب على هذا الشرط، حيث قمت بأفراغ العقار لأحد الشهود الذين جلبتهم معي، وبعد نصف ساعة أفرغه الشاهد بدوره لقريبي لتنتهي المشكلة!. امرأة تحضر بدل أخرى أرملة يحصل اشقاؤها سنويا على وكالة منها هي آخر من يعلم عن هذه الوكالة لاستلام اجار عقارات ومخصصات مالية، وذلك عندما تحضر بدلا منها امرأة أخرى يعرف ويشهد عليها اخوان المرأة، وهي ان سكتت ضاع مالها وان تكلمت أضرت بأشقائها وعرضتهم لطائلة النظام! صلاحية وثائق لا يعترف بها محمد مشعان الحربي يقول اضطررت سنويا أن اجمع نحو 11 فردا من اسرتي بينهم العجزة وكبارالسن اراجع بهم كتابة العدل لاستخراج وكالة جديدة لاستلام بعض مخصصاتهم المالية من احدى الجهات، حيث لم تقتنع هذه الجهة بعبارة كاتب العدل من أن الوكالة سارية المفعول مالم تحدد أو تفسخ أو يموت أحد الطرفين، مطالبين بتجديدها سنوياً. الشيخ عبدالله العميريني وقال كاتب عدل محافظة الأسياح الشيخ عبد الله بن عوض العلوي حول هذه القصة من أن بعض الجهات أو المؤسسات لا تعترف بالمدة الاعتبارية للوكالة الشرعية والمنصوص عليها بعبارة تحملها كل وكالة شرعية ونصها (هذه الوكالة سارية المفعول مالم تحدد مدتها أو تفسخ من أحد الطرفين أو يموت أحدهما أو ينتهي العمل الموكل فيه)، ويطلبون من المراجع احضار وكالة جديدة سنويا وهو ما يشكل ازعاج للمراجع، فاذا كانت هذه الجهات تنظر للوكالة على انها اثبات حياة سنوي فمن الاولى ان تطالب المراجع بأثبات الحياة من المحكمة الذي يصدر من المحكمة، بموجب شهادة شاهدين فقط، خلاف الوكالة التي من شروطها الحضور إلى كتابة العدل وقد تحتاج إلى شهود معرفين أو الشخوص إليه بمنزله اذا كان عاجزا أو كبير سن، وقد تكون لأشخاص متعددين ومتباعدين في المكان، بالاضافة إلى ذلك فان عدم الاخذ بمدة صلاحية الوكالة قد يربك العمل في مواسم معينة ويشكل ضغطاً على كتابات العدل مثل مواعيد صرف العوائد السنوية. تناقض عجيب! عبد العزيز تنازل عن ارضه لوجه الله تعالى لعدد من الأيتام، وقام بتوكيل أحد الأيتام للافراغ لنفسه وشقيقتيه، وصدر فيها وكالة شرعية، وعندما ذهب الشاب اليتيم لإفراغ الأرض رفض كاتب العدل وكالة زميله من الأساس، معللاً أنها غير نظامية، ولايجوز ان تكتب بهذه الطريقة، والضحية المراجع اليتيم!. اقحام المحاكم الاستاذ فهد العوض يتحدث عن أمور غاية في الاهمية تتعلق ببعض الفجوات في الانظمة ومنها أشغال واقحام المحاكم وكتابات العدل في كل كبيرة وصغيرة مما اشغلها عن مسؤوليات أكثر أهمية، وقال: هناك فجوة تشعرك أحياناً أن بعض هذه الجهات الحكومية لا تنتمى لنظام واحد، فكل له نظامه الخاص واهمين أن أهميتهم لا تكمن إلا بزيادة توقيعاتهم وأختامهم، بل أحياناً تدفعك الى ما تكره وهو أن تتحايل على بعض الانظمة والتي يعلم واضعوها قبلك بعدم واقعيتها، أبسطها أن تنتحل امرأة ً شخصية إمرأة ٍ أخرى والتي لاحل لها سوى توظيف نساء حتى يتم التعامل الامثل مع قضايا المرأة بما يحفظ حقوقهن الذي ضاع بين بيروقراطية نظامين، فحين تريد أن تثبت ملكية أرض ٍ لك، فأمامك إجراءات معقدة ، فما ستراجعه من دوائر حكومية حملاً تنوء به العصبة أولي القوة فإضافة على كثرتها ستصطدم بإزدواجية أنظمتها وتصادمها هذا أن لم تدخل في دهاليز هيئة الشيخ عبدالله العلوي نظر ٍ عفى عليها الزمن! كنا نحلم بما يسمى الحكومة الالكترونية ، ويبعد تحقيقها على أرض واقعنا من يوقف راتب أيتام ٍ بحجة أن ورقة لابد من تحديثها كل عام عند المحكمة من يوقف راتب شيخ مقعد ويطلب منه أن يحضر للبنك شخصياً ليحدّث معلوماته وهل لا زال حياً، ما نريده هو أن تربط المؤسسات الحكومية التي تعنى بالمتقاعدين ومستفيدي الضمان الاجتماعي الكترونيا بالخدمة المدنية أو مركز المعلومات الوطني حتى تنهي معاناة هذه الفئة وتحفظ لهم كرامتهم دون الحاجة إلى "جرجرتهم" بالمحاكم وكتابات العدل. مقترحات وحلول وفي ختام هذا التحقيق نورد بعض الاقتراحات التي لم يتطرق اليها ضيوفنا ومنها اشكالية (الحمل) الذي قد يعطل رزق اسرة كاملة، فلماذا لا يؤتى بحل مؤقت اذا كان هناك ما يبرره حتى يتبين الحمل، ثم يتم الصرف ولو بأثر رجعي ويتم معالجة الامر من قبل مصلحة معاشات التقاعد. كذلك لماذا لا نتحاشى (بيع الحيلة) على الاقارب؟، والذي يمارس في أكثر الدوائر الحكومية ويعزز مفهوم الكذب والتحايل على النظام، فلماذا لا نصدر تعميما لجميع المحاكم وكتابات العدل يلزمها عند كتابة وكالة تشتمل على البيع بأنه لا بد ان يذكر فيها رغبة الموكل بالبيع على اقارب الوكيل من عدمه ولا تصدر أي وكالة بهذا الشأن مالم يذكر بها أحد الخيارين؟، ثم لماذا عندما يتقدم أحد الورثة إلى كتابة العدل يطلب صكاً بدل مفقود أو يطلب براءة ذمه من البنك الزراعي يلزم بإحضار كل الوكالات من بقية الورثة؟، فما المانع أن يقبل كاتب العدل طلبه مبدئيا ويقوم برفع الخطاب الذي قد يستغرق شهرا كاملا، ويؤجل طلب احضار الوكالات والاوراق التي تخول له البيع إلى وقت الافراغ، لأن في ذلك مساعدة وتسهيل لامور المواطنين، وتوفر عليهم الوقت، فخطاب الاستفسار الذي يرفع لادارة البنوك في الرياض أو البنك الزراعي لا يترتب عليه سلب حق أو ضرر بالشركاء، وخلال المدة التي يفترض أن يرسل بها الاستفسار تكون فرصة للورثة لاستكمال أي اوراق ناقصة لأنه في النهاية سيخضع لشروط الافراغ الشرعية. وكالة فاعل الخير لليتيم الذي رفضها كاتب العدل! تنبيه واضح في الوكالة بمشروعية استمرارها دون حاجة إلى تجديد سنوي